Book_name
stringlengths
5
90
text
stringlengths
11
79.3k
يوميات شامية
وفيه في الثامن والعشرين، ورد قبجي من الروم في طلب إبراهيم باشا الكردي، نائب غزة، الذي صار باشة الجردة سنة تاريخه، ونهبته العرب عند المداين، وقتلت أكثر جماعته إلا ما قل، ومراد الوزير ليطلع على حقيقة الحال. وكان توجه إلى صيدا، فلم ينزل القبجي عن فرسه، ولحق به إلى صيدا، والله تعالى يحسن الأحوال. عبد اللطيف الحلو وفيه توفي عبد اللطيف الحلو بن كريم الدين، وله مدة مديدة منقطع في داره، نواحي البدرائية. ربيع الثاني وفي أواخره، خرجت الخزنة المصرية. وفيه وقع بدمشق ثلج كثير، ولله الحمد، لأنه يدل على الخير، إنشاء الله تعالى. نداء للنسوان وفيه، في آخره، نادى عثمان باشا على النساء، لا يخرجن إلى الصالحية. ولم يأت بعد أمر حاله من الروم. جمادى الأولى أسلحة القلعة فيه ورد فرمان من الروم في التفتيش على الخزينة السلطانية الكاينة بقلعة دمشق، وذلك على يد رجل من جربجية القلعة، فحضر القاضي والقبجي وعثمان باشا وبعض الموالي والكتاب والباش دفتار وفتحوا خزائنها، فرأوا فيها من السلاح وآلات الحرب شيء كثير، ومن ذلك الدروع، ووجدوا في درع لؤلؤةً في ظهر الدرع حزر عليها بمايتي كيس، وعلى الدرع اسم الملك الظاهر. ووجد اثني عشر ألف سيف من السيوف المعتبرة، وغير ذلك من الخوذ المحلاة وغير المحلاة، وفيها كبار لا تناسب أهل هذا الزمان. ومن الأتراس والكلل والنشاب وآلات الرمي. وبقوا في ضبط ذلك أياماً، ثم كتبوا ذلك في الدفتر، وأرسلوها إلى السلطان ابن عثمان. وصول المتسلم وفي يوم السبت، ثامن عشر جمادى الأولى، ورد متسلم ابن المقتول وذهب للقاضي وسجل براءته. وعثمان باشا برز إلى الميدان، قيل متوجهاً إلى ترابلس. وقيل غير ذلك. وفيه سمع أن الإمرية وجهت إلى إبراهيم باشا الكردي، ثم عزل عنها. لغز في الفانوس وفيه ألغزت لبعض الأصحاب بقولي: 8 1 50 6 60. وربّ خماسيٍّ ذي عيون كثيرةٍ ... وذي أُذنٍ فيه يكون بها الحمل هو البيت والمأوى دجا الليل ... يوري بزنديه قصد الأمر يؤمل وباب هذا البيت دون بيوتنا ... بلا غلق من دونه ليس يحمل ترى الباب مفتوحاً على الدوم سرمداً ... كذلك باب الله ليس يقفل سفر الباشا وفي يوم الخميس رابع عشرين جمادى الأولى، سافر عثمان باشا المعزول من الشام، من على برج الروس، وهو كثير البكاء. محمد الفلاقنسي وفيه، قبله، توفي محمد آغا الفلاقنسي. تولى الدفتردارية مرات، وهو أخو عبد المعطي جلبي المتقدم ذكره في سنة اثنتين وعشرين وماية وألف، وصلي عليه بالجامع الأموي، ودفن بتربة الشيخ رسلان. الدروز يهاجمون البقاع وفيه نزل الدروز على الشيخ عبد الله شيخ قرية ترجيم بالبقاع، وفسقوا فيه، وقطعوا يده وفقؤوا عينه وجرحوه، وهو من ذرية بني المجذوب، قطنانيين الطريقة، من أصحاب الأحوال، وأخذوا ما في داره، وأكثر متاع القرية، وكانوا نحو الماية من الخيالة، ونزل أهله دمشق، ليشتكوا على الدروز، وبعد الباشا ابن المقتول لم يرد ومعهم يده ليراها الحكام ولا قوة إلا بالله. وفيه وصل إلى محروسة ترابلس كافلها عثمان باشا المعزول من دمشق. سرقة قناديل من الأموي وفيه سرق من الأموي أربع قناديل من النحاس الأصفر، كانت فوق محراب المقصورة، لكنها من غرائب الصنعة، من جهة التخريم، لا مثيل لها في الإتقان والتخاريم، ومرادهم يضمنوها للبوابين، والله يصلح الأحوال. وفيه دار متسلم ابن المقتول على السوقية وأرباب الحرف. وفيه ألغزت في الفقه لبعض الأفاضل، من أهل دمشق، وهو بقولي: وبكرٍ لها بعلٌ وقد فضّ فرجها ... وطلقها من بعد ذا وأبانها يكون عليه النصف لا المهر كله ... وليس لقاضٍ أن يقيم ضمانها وقيل عليه المهر كلاًّ لفضّه ... بكارتها في العقد لمّا أشانها أجبني فهذا اللغز لا شك مغلقٌ ... ووضّح فإن الفضل عز إبانها لغز في الفيل وتركنا ذكر الدخول للإلغاز لما يوهم الدخول في الكلام من الغموض. وقولي من اللغز:
يوميات شامية
وما اسمٌ إذا حدّثت عنه ... فلي في أمره أمرٌ يهون وتلقى في تعاكسه دليلاً ... بتبّت إذ بآخرها تبين إبراهيم الكردي حاكماً لغزّة وأوله الخميس، سمع أن إبراهيم كرت أعطي غزة منصبه، ويافا والرملة وبعلبك. يوم الاثنين خامس الشهر أول الخلوة البردبكية، وفي يوم الخميس الثامن آخر الخلوة البردبكية بدمشق، وحضر أعيان وخلق لا تحصى، وكان ختماً حافلاً، تقبل الله من الجميع دعاءهم بمنه وكرمه، آمين. دخول إبراهيم الكردي وفي يوم الاثنين ورد إبراهيم باشا الكردي أمير الجردة سابقاً في أحسن، حال، وكان بالروم، ونزل من الصالحية من على الجسر الأبيض، والله يصلح أحوال المسلمين بمنه. رجب وأوله الجمعة، توجه إبراهيم باشا الكردي إلى عجلون، موضع كفالته، وذلك عند الظهر، وبعد، باشة الشام لم يجئ منه خبر. الشيخ عبد الله المجذوب وفيه توفي الشيخ عبد الله بن المجذوب البقاعي القطناني الذي تقدم أنه نزلت عليه الدروز. شعبان، وأوله الأحد. دخول علي الباشا في رابعه، يوم الأربعاء، دخل باشة الشام ابن المقتول، ونزل الميدان الأخضر. وفي يوم الجمعة السادس فيه، صلى بالجامع الكبير. وهو مأمور بالحج الشريف، والله ييسر كل خير ويلهم الصواب. حجاج الروم وفي تاسع عشر الشهر، وهو يوم الأربعاء، ورد ركب من الحجاج الأروام. رمضان، وأوله الأحد على الشك، والاثنين على اليقين. في ثالثه، وذلك ليلة الثلاثاء، ورد حج من الروم. عبد الرحيم الجوخي وفي يوم الجمعة، الحادي عشر فيه، توفي عبد الرحيم جلبي ابن الجوخي. أخذ الطريقة الخلوتية، وكان شاباً حليماً، كريم الأخلاق، وصلي عليه العصر بالأموي، ودفن بالدحداح، عفي عنه. خسوف القمر وفي ليلة الرابع عشر من الشهر صار كسوف القمر وقت السحر، آخر الليل، وصلوا صلاة الكسوف بعد صلاة الثمانية في الجامع الأموي. عزل إبراهيم الكردي وفيه سمع أن إبراهيم كرت عزل من جميع مناصبه: كغزة وجنين، ما عدا بعلبك، وأعطي لرجب باشا ليكون على الجردة، والله يصلح الأحوال. محمد الفستقي شوال، وأوله الأربعاء، يوم الأحد خامس شوال توفي السيد محمد جلبي الفستقي الصالحي اذان العصر فجأةً، بمحكمة الصالحية، وكان شاباً ساكناً، تولى الكتابة بالصالحية، وربما يخرج إلى النواحي بعض الأحيان، وتوفي بالمحكمة والقلم في يده. وصلي عليه بالخاتونية ودفن بالسفح. وفي يوم السبت حادي عشر الشهر، توجه علي باشا ابن المقتول، كافل دمشق، على الحج الشريف، ومعه المحمل واللواء، قبيل الظهر، ونزل عند قبة الحاج، والآن في دمشق، باشة الأُرفا، وصالح باشا، وإبراهيم باشا، وسلطان مكة الشريف يحيى بن بركات. وباشة الأُرفا متوجه مع الحج إلى جدة، وكذا الشريف إلى مكة، وهو منفصل عن باشوية القدس، وكلهم يخرجوا مع الحج، والله ينصرهم على الأعداء، ويصحبهم بالسلامة. القاضي عبد الوهاب الصالحي العكري وفي يوم السبت ثامن عشر شواله، توفي القاضي عبد الوهاب الصالحي ابن الشيخ العلامة أبي الفلاح عبد الحي، الشهير بابن العكر. تولى دار الحديث الأشرفية بالصالحية، وتولى المدرسة الضيائية بها أيضاً معها. وكان خطاطاً فاضلاً، فرضياً بارعاً فهيماً، مورقاً جيداً. وعليه بعض وظائف فرغها على ولده، وصلي عليه بالسليمية، ودفن بسفح قاسيون تحت العجمية. وفيه خرج الحج الشامي والحلبي، وباشة جدة، والشريف ابن بركات، خرج مساء يوم الجمعة قبله بالقبة والطير على طراز الحجاز. وفي يوم السبت الخامس والعشرين من شوال، دخل رجب باشا الشام وهو مأمور بملاقاة الحج الشريف. وفي الثلاثاء أو الاثنين السابع والعشرين وردت المزيربتية. ذو القعدة، وأوله الخميس، سافر رجب باشا ناحية القدس، وذهب كثير من الشوام. وفي ثانيه مساء يوم الجمعة كنا عند صاحبنا الأخ مصطفى جلبي الشهير بابن أبي الصفا، وكان معنا الأخ الشيخ محمد اليماني وبعض أصحاب. وفي حادي عشره يوم السبت، كنا ببستان ابن شيبان، وهو السيد محمد، الحافظ القرآن. مطالعة الحوادث اليومية
يوميات شامية
وفي الخميس الخامس عشر، فيه دعانا الشيخ مصطفى إلى مزة دحية الكلبي، رضي الله عنه، ورجعنا يوم الجمعة سادس عشر الشهر، وكان مطالعتنا كتابنا هذا: الحوادث اليومية. تعزيل بردى ذو الحجة يوم السبت ثانيه، كنا ببستان عبد الحكيم أفندي مع جماعة من الأصحاب، على حافة ثورا، وكان الماء شاحاً، وخرج كثير من الناس للكشف على ماء بردا إلى أن وصلوا إلى عيون التوت نبعه الأول، وحرجوا على بعض فلاحين البلاد لأجل التعزيل والتنقية، ولم يحدث شيء، وخرج ناس كثير بالخيام، وجعلوا عرضياً تكون غيبته أسبوع، ونسأله اللطف بعباده إنه رؤوف رحيم. وفي يوم الخميس الثامن من ذي الحجة سافرت الجردة. قصر سنان وفيه كان زواج ابن الأخ الشيخ محمد بن بلبان، وهو السيد حسين الشاب الخالي العذار، وكان الفرح بقصر سنان بالصالحية بحكر الأمير المقدم، وهو قصر منتزه بديع، فيه بركة ماء، وفي البركة الجوانية عامود من رخام يفور منها الماء، على رأسه صفحة من رخام، وفيه من الرحى الصغيرة ينزل في جميع جوانبها الماء، وذلك من مفردات الشام، ودعى أكثر أهل الصالحية ولم يأخذ من أحد شيئاً، تقبل الله منه. وقلت ممتدحاً ومعرضاً بأماكن النزه في الشام وفي غيرها، ليظهر أن أنزه النزه محال دمشق لأنه قيل إن نزه الدنيا أربع: صغد سمرقند، وشعب بوان بالنقرة، وغوطة دمشق والربوة، ووادي الأبلة قال القزويني ودرتها كلها الغوطة، فلم أر أنزه من نزه دمشق. وفي اليوم المذكور بالقصر، أظهر لنا الأخ السيد أحمد أفندي الشويكي الصالحي ورقةً بخطه صورتها: حديث شريف عن الصحبة ومما وجدته بخط بعض الأفاضل ناقلاً عن خط شيخنا العلامة الشيخ عبد الرحمن، السلمي الحنفي، قال: وجدت بخط شيخنا شيخ الإسلام أحمد العيثاوي ما صورته، ومن إملاء شيخنا شيخ الإسلام عمدة الأنام الشيخ محمد الشويكي الحنبلي أنه قال: أملاني شيخنا الشيخ عز الدين محمد الملطي غفر له أنه قال: ورد في الحديث الشريف: صحبة يوم مودة، وصحبة جمعة صداقة، وصحبة شهر قرابة، وصحبة سنة نسب لاحق، وصل الله من وصله وقطع الله من قطعه انتهى. متاعب الحجاج يوم الأحد تاسع ذي الحجة، كانت الوقفة. وسمع أن ابن المقتول صار بينه وبين أهل العلا شقاق وجرح وقتل جماعة من الفريقين، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
يوميات شامية
وفي يومه ذلك، ورد ولدنا عيسى من زيارة القدس الشريف، وصار مذاكرة عن القدس والخليل، فأخرج ورقةً بخطه تتضمن أسماء تلك الزيارات التي هناك، صورتها هذه أسماء الزيارات التي من الله بها في القدس الشريف وغيره: الصخرة الشريفة، المسجد الأقصى، باب حطة، قبة النبي عليه السلام، قبة الأرواح، قبة المعراج، باب الجنة، بلاطة الجنة، أصابع جبريل، باب السلام، قبة النبي سليمان، محراب الأنبياء، قدم الرسول، قبلة الأنبياء، محراب إدريس، قدم إدريس، باب الصخرة، الغار، لسان الصخرة، محراب سليمان، مقام الخضر، مقام الخليل، محراب داود، محراب الإمام الحنفي، محكمة داود، مقام الميزان، باب الأقصى، عامود الرسول، مصحف عثمان، جامع عمر، محراب يحيى وزكريا، مهد عيسى، محراب مريم، مقام الحواريين، مقام الأربعين، باب التوبة، باب الرحمة، كرسي سليمان، باب المعراج، ورقة حمزة، وزيارة حلقة البراق، قبر الشيخ عبيد، قبر الشيخ موسى العلمي، الشيخ حيدر، زاوية الشيخ الأزرق وولده إسحق، مقام سيدنا داود، قبر الشيخ أحمد الثوري، الشيخ أحمد الدبسي، النبي داود، النبي إلياس، الشيخ محمد المفتي، قبر زكيا وزوجته، شداد بن أوس الصحابي، عبادة بن الصامت، السراج الهندي، قبر مريم، قبر رابعة، جبل الطور، وما فيه من الأنبياء والأولياء والصالحين، سلمان الفارسي، الشيخ محمد العلمي، الشيخ عنتر، الشيخ غياث، تربة ما ملا، أبو عبد الله القرشي، أبو رسلان البرماوي، الكمال بن أبي شريف، ابن الهايم، أحمد الدجاني، الشيخ قيمر، عمر المجرد، الشيخ لؤلؤ، الشيخ أبو شوشة، زاوية أبي يزيد البسطامي، الشيخ مكي، الشيخ ابن علي بن علين، زاوية الأدهمية، وفيها قبور الصالحين، النبي شمويل، قبر موسى عليه السلام، قبر العزير عليه السلام، قبر يونس في درب الخليل، إبراهيم عليه السلام، زيارة إسحاق، النبي يعقوب، قبر يوسف، الست سارة زوجة إبراهيم، الست ليئة زوجة يعقوب، رفقة زوجة إسحق، قبرلوط، مقام الأربعين، زاوية ابن زقاعة. وفي مدينة الرملة، عبد الرحمن بن عوف، مقام علي، الشيخ خير الدين الرملي، الشيخ عبد الله البطائحي، النسائي، النبي صالح، النبي حيدر بن يعقوب عليهم السلام، أبو الفضل بن العباس، أبو الغوث الغزي، الشيخ موسى بالقدس، الشيخ بيك لار انتهى ما فيه. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، والحمد لله أولاً وآخراً، والحمد لله رب العالمين. آخر الجزء الأول، ويتلوه الجزء الثاني، وأوله، محرم الحرام سنة خمس وثلاثين وماية وألف، أحسن الله ختمها، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم. الجزء الثاني بسم الله الرحمن الرحيم هذا الجزء الثاني من الحوادث اليومية، أوله سنة خمس وثلاثين وماية وألف، رحمة الله على مؤلف، آمين. محرم الحرام سنة 1135 محرم الحرام سنة خمس وثلاثين وماية وألف 12 - 10 - 1722م الحكومة وسلطان الممالك الرومية، وبعض ممالك العربية، وبعض ممالك العجمية السلطان أحمد بن محمد خان ابن عثمان، أيد الله دولتهم. والباشا بدمشق علي باشا ابن المقتول، وقاضي الشام محمد أفندي البابي، والمفتي محمد أفندي العمادي، والمدرسون وبقية الناس على حالهم. القاضي الجديد محرم الحرام، أوله يوم الاثنين. أوله سافر أحمد أفندي قاضي دمشق. وكان ليلتها بعد العشاء، ورد قاضي الشام البابي من حرستا، ولم يعمل موكباً، ولاقاه الأكابر والأعيان على جري العادة. أخبار الحج يوم الثلاثاء، آخر الشهر من محرم، دخل جوخدار الباشا، وأخبر بأن الحج بخير، وأخبر بأن الكتاب يأتي بعده. قيل إنه أُرسل من القطرانة، والله أعلم. وفي يوم ذلك، أنشدني بعض الأفاضل لبعضهم: عليك بالصّدق ولو أنّه ... أحرق الصدق بنار الوعيد وجانب الشرّ فشرّ الورى ... من أغضب الله وأرضى العبيد صفر دخول القافلة وفي يوم الأحد الخامس من الشهر، دخل الحج الشريف من أول النهار، والمحمل دخل العصر من غير أمير، ولم يكن معه غير قاضي الشام والمدرسون، ورجب باشا المتعين على الجردة، سلمه إليهم وتوجه من طريق أخرى على الميدان الأخضر، ونزل في مخيمه. رجب باشا في دمشق
يوميات شامية
وفي سابع الشهر، فيه صعد رجب باشا للصالحية، وزار ابن العربي قدس سره، وبعد الزيارة حضر درس الشيخ عبد الغني في الجامع، وجلس في جملة الصف الذي خلف المدرس، ثم بعد الفراغ قبل أيادي الشيخ وصافحه، ونزل من على الجسر الأبيض إلى موضعه بالميدان الأخضر. وفيه يوم الخميس التاسع، فيه سافر رجب باشا إلى موضع كفالته، أعني إلى حلب وفي يوم الأحد سافر بعض الحجاج من دمشق. مجلس أنس وفي آخر صفر، كنا في مجلس لطيف، فيه كل شخص ظريف، فأنشدني بعض الحاضرين بمناسبة وقعت في سمررآق وطاب، وأتحف مجلسة رايق رقايق الخطاب، قول بعضهم: أطيب الطيبات موت الأعادي ... وتخايلي على متون ضمر الجياد ورسولٌ يأتي بوعد حبيبٍ ... وحبيبٌ يأتي بلا ميعاد عثمان باشا والياً وفيه، سافر السقا باشي وبعض أكابر الحج. وفيه سمع أن عثمان باشا كافل دمشق سنة اثنين وثلاثين وماية وألف، وجهت له كفالة دمشق، ومأمور بالسفر مع الحج الشريف، وهو الآن كافل صيدا. وفيه شرفنا إلى دارنا بالصالحية، الكاينة بمحلة الأمير المقدم الظاهري، المولى الهمام عمدة الفخام، السيد مصطفى أفندي بن محمد أفندي البابي، قاضي الشام حالاً، وهو شاب تحلى بحلا الفضايل، وفاق بحسن شمائله أزهار الخمايل، وتزينت به صدور المحافل، وابتهجت به طروس أقلام الأنامل، أخلاقه الكريمة أشبهت نسمة السحر، وحسن شيمه فاق رونق الزهر والزهر، له في الفضل القدم الراسخ، وفي الإنشاء والخط ما فاق به كل كاتب وراسخ، بلغ في البراعة أجل مرتبةً، وسما في أوج البلاغة والفصاحة أعلى منقبة، تولى نيابة العربية، يعرف بالعربية والتركية، كان الله لناوله آمين. مجلس أنس ربيع الأول، أوله يوم الخميس فيه، كنا في مجلس أتحف بالأزهار مع جماعة من الأصحاب، فتذاكروا الصداقة الظاهرة والباطنة، والمحبة الصادقة والمودة الخالصة. فقال بعضهم وأنشدني: سلوا عن مودّات الرجال قلوبكم ... فتلك شهودٌ لم تكن تقبل الرّشا ولا تسألوا عنها العيون فربّما ... أشارت لشيءٍ ضدّ ما أضمر الحشا أشعار في المحب وقال غيره: القلب أكبر شاهد على صدق المودة. وقال آخر: والعين تعرف من عيني محدّثها ... إن كان من حزبها أو من أعاديها وذكروا في المحب والعدو قول بعضهم: وعين الرضا عن كلّ عيبٍ كليلةٌ ... كما أنّ عين السّخط تبدي المساوئا وفي الأحد، حادي عشر ربيع الأول، دخل متسلم عثمان باشا المذكور، وهو بعد لم يجئ. وفي الأحد دخلت الخزنة المصرية، وهم إلى الآن لم يسافروا. تقي الدين التغلبي توفي شيخنا الفقيه الفرضي الحيسوب، تقي الدين بن الشيخ عمر الدومي التغلبي الحنبلي ولد رحمه الله في حدود الخمسين، وكان فقيهاً ماهراً في الفقه الحنبلي، ودرس بكرة النهار بالجامع نحو ستين سنة. أخذ عن التقي الحنبلي المفتي، وعن الشمس بن بلبان الحنبلي الصالحي، والنجم العرضي، وأعاد درس الحديث بين العشائين بالجامع، على الشيخ أبي المواهب الحنبلي المفتي. وشرح دليل الطالب في الفقه للشيخ مرعي الحنبلي الكرمي ثم المصري، وأقرأه كثيراً، والمنتهى، وانتفع به خلق. وكان مفتي الفرايض هو وأبو المواهب الحنبلي وذلك في يوم الثلاثاء تاسع عشر ربيع الأول سنة خمس وثلاثين وماية وألف، ودفن بمرج الدحداح الغربية. دخول عثمان باشا وفيه دخل عثمان باشا كافل دمشق، الشهير بأبي طوق، ولم يعمل موكباً، ودخل السرايا من نحو باب السريجة، وفي يوم الجمعة صلى بالجامع على جاري العادة. والله ولي كل أمر. ربيع الثاني، لم يقع فيه ما يؤرخ. جمادى الأولى، راسلت الأخ الأمجد محمد جلبي، ابن رحمة الله أفندي الأيوبي. وكنت طلبت منه رسالتي المشتملة على أنواع البديع في البسملة، وطلبتها من أجل تقريض شيخنا الحافظ الخليلي، وأبي الفداء إسماعيل أفندي الرومي البرصلي، ومخلصه حقي أفندي حين نزلا إلى دمشق. وكانت نسختي المقرض عليها ضاعت، وكان في نسختها من نسختي، صورتا النصر، وتبت، فطلبت النسخة من عنده لأكتبها.
يوميات شامية
والرسالة مقدار كراس، وكتبت أقسامها حين عرض لي قرامراد أفندي، قاضي الشام بالمدرسة الماردانية بالجسر الأبيض بالصالحية. فبعثت هذه الرسالة لأجل الدرس، عند الكلام على البسملة، لتكون مباحث البسملة فيما لا يتنبه إليه السابقون. الشيخ عبد الرحيم الكابلي وفي يوم الجمعة، عشرين جمادى الأولى 1135، صلي على مولانا وشيخنا الملا عبد الرحيم الكابلي. كان رحمه الله، رحلة في العلوم العقلية والرياضية وعلوم النحو والمعاني والبيان والأصلين. أخذ في بلاده عن الأجلاء، ودخل دمشق وأخذ بها عن أجلائها علوم الحديث، وكان أمةً ماهراً في علوم المنطق، ودخل دمشق سنة تسعين وألف، وحج سنة واحد، وثلاث وتسعين، وعاد إلى دمشق، وانتفع بالقراءة عليه خلق كثير من أهالي دمشق. علومه قرأت عليه حصةً من الفناري في المنطق، وشرح الشمسية مع مطالعة حاشية السيد الشريف إلى قريب آخرها، وعند الألواح من الشمسية المذكورة. وحضرت في شرح الدرر والغرر، ودرس التفسير في البيضاوي بمدرسة العذراوية بدمشق، وكان عرض له فيها سنةً، قرامراد أفندي، حين موت مدرسها أبي الصفا أفندي بن أيوب المفتي. أخذ طريقة النقشبندية عن الشيخ المسلك فيها، الشيخ مراد اليزبكي، المستوطن بدمشق، وصلي عليه بجامع تنكيزخان، ودفن لصق الواقف في تربته مما يلي الشباك، وقبره ظاهر، رحمه الله، وعفا عنه، آمين. الشيخ محمد العمادي يوم الاثنين ثالث عشرين جمادى الأولى، في السنة المذكورة، صلي على المولى الهمام، قدوة الأنام، محمد أفندي العمادي، ابن إبراهيم أفندي، ابن عبد الرحيم أفندي العمادي، مفتي دمشق الشام، وصلي عليه الظهر بالجامع ودفن بالباب الصغير. علومه أخذ المولى المذكور عن البرهان الفتال، وأخيه علي أفندي، المفتي سابقاً، قبل تاريخه، وتولى تدريس السليمانية بعد أخيه علي أفندي. وله شعر ونظم حسن، وكان بهي المنظر زايد الوقار والمهابة، له حلم ومودة وسخاء، حسن الملتقى، وله تؤدة في الكلام، ولم يكن أبهج منظراً منه، وله حسن مودة لمن قل أو جل. وقلت مرثياً له بقولي من بحر الكامل وفيه الإضمار: أسخى الزمان وجاد جوداً مكرها ... بمحمّدٍ حاوي المكارم والبها النابلسي مفتياً وفي الأربعاء، ثاني صبيحته، في الخامس والعشرين، صعد إلى عند الشيخ عبد الغني للصالحية، جماعات من أعيان البلد وطلبوه للفتوى، وكانوا أعيان دمشق، كل واحد عرض لنفسه فيها خفيةً، ثم شاوروا الباشا على ذلك. وهيء من الباشا قباء فاقم، وأكرمه غاية الإكرام، وشرع يفتي بداره بالصالحية، وصار أمين الفتوى صهره الشيخ صادق أفندي. وفي يوم الثاني والعشرين جمادى الآخرة، يوم الاثنين، أول الخلوة البردبكية، وحضر أكابر وأعيان، تقبل الله من الجميع. وفي يوم الخميس، خامس عشرين جمادى الثاني، كان آخر الخلوة البردبكية بدمشق، وحضر أكابر وأعيان. تقرير لعثمان أبي طوق وفيه جاء تقرير لعثمان باشا، وأنه يكون على الحج الشريف. وفي نيته الركوب إلى نواحي البلاد، ويدور في البلاد، كما هي العادة. البكري مفتياً رجب، أوله الأربعاء وقيل الثلاثاء. وفيه شاع بدمشق أن بشارة الفتوى وردت لخليل جلبي، ابن أسعد أفندي البكري، وهو من تلاميذ مولانا الشيخ عبد الغني أفندي، وهذا من العجب، والله أعلم بالحال الواقع في نفس الأمر، لكن هذا سمع، والعهدة على القايل. وفي وسطه وردت الفتوى إليه والسليمانية معاً. وفيه، يوم الخميس، ثامن عشر رجب، سافر صاحبنا الأخ عمر آغا الناشفي إلى مصر لمصلحة وقف خيربك. رياح وزلازل وفي ليلة الخميس المذكور، صار هوى وريح كثيرة، وزلزلة، لكن خفيفة، وقيل إنها تكررت، وكان أولها بعد العشاء بنحو عشرين درجة، ووسط الليل وآخره. والله يلطف بالعباد. وفي يوم الجمعة، وكان أيام الزهر، وهو يوم التاسع عشر، فيه كان هوى وبعض مطر ربيعي. وبلغ أن الباشا نهب قرىً كثيرةً من بني نعيم، وأكثرهم أشراف بعلامات من أهل الطاعة، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ولما ذهب الباشا، وكان بعد بشارة الفتوى للمذكور سابقاً، وصى له على قباء فرو فاقم. فلما وردت وزار الأعيان، ألبسه المتسلم القباء المذكور، وطلع من السرايا في غاية السرور. وهو ولي كل أمر. سنة 1136 1 - 10 - 1723م
يوميات شامية
إلى خير صفر، فيه يوم الاثنين الثالث دخل الحج، ودخل المحمل يوم الثلاثاء. إبراهيم البيطار وفي يوم الأربعاء، سابع عشر صفر، توفي الشيخ إبراهيم البيطار، ودفن بتربة مسجد النارنج. رميات وفيه رمى الباشا على محلة الشيخ محيي الدين سبعماية غرش، وانجمعت في أيام يسيرة. ثم رمى على محلة الشيخ عرودك مثلها لأمر وقع، فتحيل فيه، وكان منعها قاضي الشام، فلم يرجع عنها، ولموها له، وحصل للناس مشقة عظيمة، خصوصاً الفقراء. قاضي مكة وفي يوم الجمعة توفي إلى رحمة الله قاضي مكة المشرفة وصلي عليه بالأموي، ودفن عند بلال الحبشي رضي الله عنه. واسمه عبد الرحيم أفندي، وتولى تغسيله قاضي الشام مع من معه، عفي عنه، آمين. فتن في مصر وفي سادس عشر، وهو ربيع الأول، وأوله الأحد، دخلت الخزنة المصرية، وبلغ خبر أن مصر مفتونة، وقتل كم صنجق، وقتل إسماعيل باش الصناجق.. وفي آخر ربيع الأول هدمت مأذنة الدرويشية إلى حد باب الجامع لتضعضها، ومرادهم يسرعوا فيها أيام الصيف، لأن فرمان الهد كان زمن الشتاء. وفيه بلغ خبر بأن القدس مفتونة. وأخرى في إيران وبلغ خبر، أن ابن عثمان جيش على محمود شاه الذي ظهر في نواحي العجم وأخذ ممالك بلاد الشاه. وقيل إن محمود شاه أخلى أصبهان وترحل منها، ولم يعمل قتال، لأن العسكر العثماني كثير جداً، يبلغ كرات وسبعين ألفاً، ما عدا الأعجمام، والله يصلح الأحوال. دخول الشريف يحيى وفيه دخل السيد يحيى بن السيد بركات، الذي كان سلطان مكة، وكان جيش عليه الشريف عبد الله بن الأشرم بعساكر من اليمن ومن ساير الجهات وقتل خلقاً كثيراً من جماعته، وأخرجه من مكة بمفرده، وذلك بعد الخروج بالحج من مكة. وجاء على طريق مصر على جهة الرملة وغزة، ونزل دار عمه، أبي زوجته، إبراهيم آغا الخالجي، وجلس ذاك مكانه بالسيف. فتن في الخليل وفي هذا العهد، صار فتنة عظيمة في الخليل، وقتل خلق كثير، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ربيع الثاني، أوله الخميس، فيه خرج أول بلك من بلكات الخزنة. جمادى الأولى والثانية، لم يقع فيه ما يؤرخ. رجب، وأوله السبت، السادس فيه، كان آخر الخلوة البردبكية بدمشق، وكان ختماً حافلاً، تقبل الله من الجميع بمنه وكرمه آمين. وفي الشهر المزبور، أنشدني بعض الأصحاب، من كتابه لإبراهيم المقري الشاعر، قوله يمدح بعض وزراء عصره: ورود زكايا الدمع يكفي الركابيا ... وشمّ تراب الرّبع يشفي التّرابيا شعبان، أوله الثلاثاء، ورد حج من الروم، وورد قبجي من الروم، ونزل عند حسين آغا، ابن فروخ، والله يحسن الأحوال. تظلم أهل الصالحية وفيه صار شوشرة وغوغاء من أهالي الصالحية وغيرهم، وسكرت البلد، وقام العوام على القاضي معين زاده، وكان عليهم ظلم كثير، ولم يكونوا فرغوا من المظلمة السابقة، وأرسل القاضي إعلاناً للمتسلم في رفعها، فأرسل بيردياً: لا تحطوا شيئاً، فهدت الفتنة، وفتحوا بعد ما سكروا، ولله كل أمر. رمضان، أوله الأربعاء على رؤية الهلال، يوم الاثنين السادس، فيه ورد عثمان باشا أبو طوق من أسفاره في نواحي القدس وبلاد الشوف، وتسمى الدورة، فيها نفع للباشا، والله يلطف بالمسلمين. ثم إن أهل الصالحية، وقع عليهم الوهم من زعم القاضي، وأكثرهم أرسل ما يخاف عليه للمدينة. وسمع أن الروم أرسلوا قاضياً للشام قبل هذا وتوفي بسكنه ببلاد الروم، وأصله من حلب، من ذرية الأولياء والصالحين، فوجه لمعين زاده. مصطفى مستقيم أفندي وفيه سافر معين زاده وحده آخر شوال، لدخوله الشام أول القعدة، وسافر معه مصطفى أفندي بن مستقيم أفندي، قاضي الشام سابقاً. فيوم دخول ابن مستقيم، اجتمع مع أخيه قاضي العسكر ومع والدته حم، وبعد ثلاث أيام توفي، عفي عنه، آمين. وكان مصطفى أفندي، شاباً لطيفاً مليحاً ماهراً في الميقات والفلك وعلم الموسيقى والسياب، توطن بالصالحية مدةً مديدةً بمحلة الأمير المقدم الظاهري، وتولى نيابة القضاء بها وبغيرها، وكان لما سافر يقول: لا أُطول وأرجع، وأجتمع بأخي وأُمي وأعود: وقايلٍ: عند أهلي لا أُطيل ... وأحنّ لشامٍ ما لمرآها مثيل فكأنّما خطوته في روحه ... عمرٌ تقضّى ما لذاك بديل نفي جماعة إلى قبرص
يوميات شامية
وفيه سركن الباشا أبو طوق جماعةً من الصالحية إلى قبرص، ومعهم جماعة من بني تغلب وغيرهم، ينسب لهم الشر ومقارشة الأمور والبلص، ولا قوة إلا بالله. شوال، أوله الجمعة، يوم السبت، فيه، وهو التاسع، طلع المحمل والباش بعد الظهر، ونزل القبة، وإليه المصير. اكتمال حمام ملكة وفيه تم الحمام شمالي الدرويشية وقبلي السرايا وغربي الأخصاصية، وهو وقف على الحرمين الشريفين، واستأجره المستأجر بإحدى عشرة مايةً، مدة سنة، وأوقفه آغة البنات بالروم. وفيه كملت مأذنة الدرويشية بعد هدها لشقوق في بدنها، وهو المدبر والمعين. خنق خمسة من الصالحية وفي يوم الخميس، ليلة الجمعة، ليلة الثالث والعشرين من شوال، خنق الباشا جميع المسركنين إلى قلعة قبرص وهم: الشيخ عبد القادر بن عمر ابن تغلب، والشيخ حسن التغلبي، ورسلان التغلبي، وصبي يسمى محمد ابن كزمات، من أهالي الجسر الأبيض، وشاب فاخوري من أهالي الصالحية كان معهم، وغسل الشيخ عبد القادر والشيخ حسن ودفنا في قبر واحد، والباقي في خشخاشة من غير غسل، ولا قوة إلا بالله. يوم الأحد، رحل الباشا من المزيريب. هرب الشريف يحيى يوم الأحد، سافر الشريف يحيى بن بركات الحجازي، سلطان مكة، وتوجه إلى عند العرب، وكان ورد إليه فرمان بأن يسركن إلى رودس، ببلاد الروم، فلم يرض، وخرج هو وجماعته، ولم يقدر أحد يعارضه ولا يقف في وجهه، ومعه من جماعته جم كثير، شعلة نار. وقيل هرب إلى عند ابن مضيان، ومحله بين الحرمين. وفي يوم السبت حادي عشرين شوال دعينا إلى الفيجة ومكثنا كم يوم، مع جملة أصحاب، وتلك الناحية كثيرة الأشجار، غزيرة الأنهار، طيبة الهواء، طيبة الماء. وفي يوم الاثنين وصلت المزيربتية، والباشا رحل الأحد يوم الثالث والعشرين. وفيه رخاء في الفاكهة، أرخى من الشام، والأسعار بيد الله تعالى. وفي هروب الشريف يحيى، السابق ذكره، لحقه المتسلم والينكجرية والزعماء فلم يلحقوه، إلا بعض قفله وخزينته، وهرب عنها وهي ملآنة، وجعلوا الكل في قلعة دمشق، وثلة من عبيد له، جعلوا الكل في القلعة، قلعة دمشق. ثم إن الشريف بعد أيام أرسل مكتوباً في الاحتفاظ على خزينته، وأنها تشتمل على أكياس وأموال وجوهر ومعادن ما يساوي ألف كيس، وإلى الآن لم يعلم له خبر، وهو العالم والولي بكل، آمين. وفيه كملت مأذنة جامع درويش باشا والحمام قبلي السرايا وشمالي الجامع. والله ييسر كل خير. ذو القعدة، وأوله الأحد، وفي آخره، دخل باشة الجردة إسماعيل باشة، الشهير بابن العظم النعماني، وذلك في بكرة النهار، يوم السبت التاسع والعشرين من ذي القعدة. عزل القاضي ذو الحجة، فيه عزل إسماعيل أفندي معين زاده الرومي من قضاء الشام، وتولى نيابة الباب، خليل أفندي المفتي، ثم ورد نائب الجديد، وهو نائب واحد، وهو نائب القسمة العربية. وفيه جلس نائباً، صادق جلبي بن الخراط عن القاضي الجديد. وفيه سافر خليل أفندي إلى الروم. حمام ملكة وفيه قلع بلاط وقبع في مقصورة الحمام الجديد، شمالي الدرويشية، والسبب أنهم أحموا الحمام بزيادة، ثم أُصلح، وهو من أحسن حمامات دمشق. وفي يوم الوقفة، الثلاثاء، عمل معلم الحمام مولداً، ودعا أكابر وأعيان. وفيه خرج باشة الجردة وسافر على اللوان، ولم يعمل موكباً. وفيه وردت مكاتيب العلا، وفيها أخبار بحسن حال الحج، وأنه في غاية الأمان والحمد لله تعالى. سنة 1137 سنة سبع وثلاثين وماية وألف 19 - 9 - 1724م حكومة دمشق وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والعجمية، السلطان أحمد بن محمد خان، وباشة الشام عثمان باشا، بالحج الشريف، وقاضي الشام محمد أفندي بيري زاده، بعد لم يدخل، وبعد الفتوى لم ترد، والعلماء والمدرسون على حالهم. أول محرم الثلاثاء، في يوم الأحد سادس الشهر دخل قاضي الشام عند المغرب، جعل الله قدومه خيراً. صفر، ثالثه، وهو يوم الأحد، دخل الحج الشريف. وفي يوم الاثنين منه، دخل المحمل والباشا، ودخل قبله خمسة باشاوات منهم ابن العظم أمير الجردة وغيره، ودخل قدام الباشا أعيان الشام من الموالي والكتاب وغيرهم، وخلفهم أرباب الزرديات، جماعة الباشا نحو ستين مدرعاً، والقوة لله سبحانه.
يوميات شامية
والوقفة كانت الثلاثاء، أي وقفة سنة ستة، وكان دخل الكتاب قبل يومين، ومدة الإقامة بمكة سبعة عشر يوماً، وإليه الأمر كله. فرح توما ربيع الأول، وأوله الثلاثاء، وفيه عمل الباشا فرحاً لتوما الذي أسلم، وبقي نحو سبعة أيام، من أول الشهر إلى يوم الخميس. الباشا والدروز ربيع الثاني، وأوله الأحد، وفيه، يوم الاثنين وسط الشهر، سافر أبو طوق إلى جهة الدروز ووادي التيم والشقيف، وإلى ابن الحرفوش أمير بعلبك، ومراده يصل إلى حمص يزور السيد خالد رضي الله عنه، والسيد إبراهيم بن أدهم، وخرج معه حقلجية الميدان وجمع، والله يصلح الراعي والرعية. وفيه رمي على محلة الشيخ عرودك ثمان ماية غرش لأجل رجل جرح آخر، ومسكوا بعض ناس. وفيه، في أواخره يوم الأربعاء، خامس عشرين ربيع الثاني، دخلت رؤوس من العرب، نحو ستين رأساً على رماح وأعمدة وأعواد، مع شبان من داريا، ومعهم بيرق أبيض، وخيالة نحو ثلاثة، أربعة، وكومت مقابل السرايا، ونسأله إصلاح الشؤون. ثورة العوام على العوانية جمادى الأولى، الجمعة. بعد أن سافر عثمان باشا إلى صيدا، اجتمع الأكابر وقاضي الشام، وقامت العوام على العوانية الذين في باب الحاكم، فقتلوا منهم جماعةً، وأُودع في الحبس جماعة، وأن العوام أخربت دار الصيرفي اليهودي، وكان راح مع الباشا إلى كفالته بصيدا، وأخذوا موجوده وجعلوا داره ساحةً. وشاع عن أبي طوق أنه معزول من الشام، ولم يتحقق بعد. أحمد بن كنان وفي حادي عشر جمادى الأولى، يوم السبت، توفي ولدنا الأعز الشيخ أحمد، وصلي عليه بالسليمية، ودفن بالروضة. وكان شاباً فاضلاً خطاطاً مورقاً فهيماً، اشتغل بالعلوم مدةً، من نحو وفقه وهندسة ومساحة، عفي عنه بمنه آمين. إسماعيل باشا العظم والياً جمادى الثاني، فيه عزل أبو طوق، ووجهت الشام وما والاها لإسماعيل باشا ابن العظم، أمير الجردة، ويوم الخميس من جمادى الثاني آخر الشهر، دخل ومعه عسكر كثيف ونزل السرايا. خنق الشاه بندر وفي ليلة الخميس آخر الشهر، خنق بقلعة دمشق الشاه بندر، وغسل وصلي عليه عند بابها ودفن بالدحداح، وإليه كل أمر. رجب، أوله الجمعة. جاء الباشا وصلى بالجامع عند رأس نبي الله يحيى عليه السلام، ودعا على السدة السيد عمر المؤذن للخنكار ومفتي الروم وباشة الشام وللعلماء وبقية المسلمين، ونسأله سبحانه التمام إلى خير. قتل العوانية وفي نية العوام وأعيان البلد قتل بقية من أهل العوان، وبعد، هم في الشور واختلاف الرأي، ونسأله إصلاح الراعي والرعية. وفيه في أوله، جلس علماء الحديث في دروس الثلاثة أشهر. شعبان، أوله الجمعة، ورد قبجي من الروم. وفي يوم الخميس رابع عشر شعبان، آخر الخلوة البردبكية بدمشق، وحضر أكابر وأعيان وبقية الناس مما لا يحصى، ونسأله الإجابة والقبول بمنه وكرمه. ختم النابلسي وفي ثاني عشره، يوم الثلاثا، ختم الشيخ عبد الغني درسه بالسليمية السلطانية بالصالحية، وهو درس التفسير، واجتمع خلق كثير ودعوا، تقبل الله منهم. سفر مروى خاتون يوم الأحد ثالث الشهر، سافرت مروى خاتون مع أمها وابن أخيها إلى حلب، إلى عند زوجها، ومعها محارتان وعكامة، إلى غير ذلك، وولدها حسن جلبي بن سليمان جلبي، وهو ابن اثنتي عشر سنة، من زوجها سليمان جلبي، قبل الشيخ عبد الخالق، وكان تزوجها بدمشق وذهب إلى حلب واشترى داراً هايلةً. وأرسل يطلبهم، وله الأمر كله. رمضان، أوله الأحد على الثبوت، ونسأله الرضا والقبول بمنه آمين. حامد العمادي مفتياً وفيه وصلت الأخبار بأن العمادي حامد أفندي صار مفتياً بعد ابن البكري، العارض فيها بعد محمد أفندي العمادي، وتقدم. وفيه بعد كم يوم، وردت الفتوى لحامد أفندي ابن أخي المفتي السابق، وهو أهل ذلك وزيادة، إذ دأبه المطالعة والاشتغال بجد ورغبة تامة. الحجاج وفي أواسط الشهر، ورد حج كثير من الروم، وورد أمين الصر والسقا باشي، الصغير والكبير، كما هو جاري العادة. شوال، أوله الثلاثاء، يوم الاثنين في الرابع عشر من الشهر، طلع الباشا إلى قبة الحاج ومعه عسكر كثيف نحو الثمانين بيرقاً، والله يوصله بالخير. مطر في الصيف في آخره، صار مطر، وكان في مربعانية الصيف، وكان بعض رعد، والله على كل شيء قدير.
يوميات شامية
ذو القعدة، أوله الأربعاء، ثالث عشره، يوم الاثنين، سافر بيري زاده قاضي الشام مع ركب الحلبيين، ورجعت المزيربتية. ذو الحجة، أوله الخميس، دخل قاضي الشام محمد أفندي صلوحي في نصف الليل، ووصلت مكاتيب العلا. صالح جلبي وفيه يوم السبت، توفي صالح جلبي بن محاسن، وكان يتولى نيابات بدمشق كالميدان والصالحية والعونية، ثم ترك ذلك، ودفن قرب بلال، عفي عنه آمين. سنة 1138 محرم الحرام سنة ثمان وثلاثين وماية وألف 8 - 9 - 1725م الحكومة وسلطان الممالك الرومية، وبعض العربية والأعجمية السلطان أحمد بن المرحوم السلطان محمد خان بن عثمان الرومي، والباشا بدمشق إسماعيل باشا، ابن العظم النعماني، وقاضي الشام، محمد الصلاحي الرومي، والمفتي حامد أفندي ابن العمادي، والعلماء والمدرسون على حالهم. نزهة أدبية يوم السبت، أول محرم المذكور، دعانا الأخ الأعز الأمجد، الناسك الأوحد، صادق آغا، من أعيان المتقاعدين بدمشق، إلى الوادي قرب الربوة تركة بني كيوان أيام العنب والتين، وعمل ضيافةً حافلةً، ودعا شيخنا العلامة أبو الفضل زين الدين عبد الرحمن السلمي، الفقيه النحوي الحنفي، مدرس الجهاركسية بالصالحية، والطرخانية، قرب سيدي عصرون، وجماعة من الأفاضل، وصارت مذاكرة ومواعظ ومطالعة بقراءة بعض الأفاضل، منهم الفقيه الشيخ أحمد النابلسي الحنبلي، وأنشدنا من كتابه قصيدة مديح للشاعر ابن قرط. ولما صار الأصيل، وبدت بالغروب أوائل الليل ألاليل، تشكرنا من داعينا بما أدى من الجميل، وتأهب لينزهنا بالبستان الذي كل مدح في وصفه قليل، واستكثرنا خيره، وشكرنا بره. وكان سبق انحراف مجاز، خلص منه وجعل فيما وعد به حال المرض الإنجاز. حفلة ختان وفي يوم عاشورا، يوم الثلاثاء، كان ختان ولدي المرحوم محمد آغا، ابن عمر آغا، فدعانا عمر آغا المذكور للحضور، ودعا أكابر وأعيان، ولم يأخذ من أحد شيئاً، كان الله له، آمين. هزيمة العجم وفي الأربعاء حادي عشر الشهر، ضربت المدافع بالقلعة بشارةً أن النصرة لبني عثمان، صارت على الأعاجم اللئام، وأخذوا منهم همدان وسبوهم وذراريهم، قاتلهم الله. محمد جلبي القاري وفي آخره توفي إلى رحمة الله، محمد جلبي القاري مدرس البلخية، وذلك يوم الثلاثاء آخر محرم الحرام، وقيل أول صفر، فصفر أوله الثلاثاء. خامسه، دخل الحج الشريف، وهو يوم السبت، والأحد المحمل. وفيه قتل بالبارود بعض كواخي الباشاوات. فإنه لما نزل الباشا قبة الحاج، عمل الطبجي شنكاً، فرحاً بالسلامة، فانفتق المدفع فأصابته ردفة من قطع المدفع فوقعت عليه، ودخل وهو بالتخت، ومعه بصلة يشمها، ومات عصر ذلك اليوم ودفن بتربة الدحداح. عودة الشريف يحيى وفيه ورد سلطان مكة الشريف يحيى، وأُعطي إذناً أن ينزل في أي بلد أراد، ونزل دار بني السفرجلاني. ودخل في صحبة الباشا العلامة ابن الكوراني من مدرسي الحرم، وابن أخت الشيخ طاهر ابن الكوراني، واختفى ابن الكوراني، من علماء المدينة وابن السيد البرزنجي، لأنهم مأمورون بالذهاب إلى الروم، والله يصلح الأحوال. مشكلات الحجاج وأخبر بعض الحجاج أنه صار في شوب، وعطش وهلك خلق كثير، ولم يحصل من العرب ضرر، إلا بين الحرمين من بني مضيان، وأخذوا من الباشا سبع أكياس، ودخل الباشا وقت الظهر، وعلى يساره قاضي الشام والعلماء، وذلك يوم الثلاثاء من صفر، في خامس الشهر، فصفر أوله الثلاثاء. الشاب أحمد بن صالح وفي السابع والعشرين منه، يوم الأحد، توفي الشاب أحمد بن صالح. أخذ الطريقة، ومال للصوفية، وهو شاب قريب العهد بخروج لحيته، وله صوت طيب، ويحفظ من كلام القوم كثيراً، حسن العشرة، لطيف المزاج، وله محبة للصالحين واعتقاد متين، وذلك ليلة الأحد آخر الليل. وصلي عليه بالسنانية، ودفن غربي بلال. ورثاه صاحبنا الأمجد السيد إبراهيم بن الشيخ عبد الرحمن بن الحكيم الصالحي بقوله ممتدحاً: يا حسرةً مالها من حدّ ... كيف والعيش مكمد قد راح من كان خلاًّ ... وطال مالي أنجد وأصبحت فرداً لفقدي ... من كان في الناس مفرد وناح طير العوالي ... على الغضون وغرّد
يوميات شامية
وقال: هل تبك من هو ... وسط الجنان مخلّد ومذ ذكرت الليالي ... التي مضت فيه أُنشد مؤرّخاً آه نخ: ... والله قد مات أحمد ربيع الأول والثاني، لم يقع فيهما ما يؤرخ. الشريف يحيى بن بركات جمادى الأولى، في حادي عشره، توفي السيد يحيى بن السلطان بركات. تولى إمرية الحج الشامي سابقاً، وتولى سلطنة الحجاز، ثم ذهب للروم، وتولى القدس، وذهب إلى مكة المشرفة، ورجع إلى دمشق، ونزل دار بني الأرنؤوط. ووعد بمنصب، فتمرض وتوفي ليلة الجمعة، وصلي عليه يوم الجمعة بعد الصلاة في الجامع الأموي، ودفن بتربة سيدتنا رقية رضي الله عنها. جمادى الثانية، وردت السليمانية للملا محمد البكري، وكان متمرضاً. محمد البكري رجب، أوله الأربعاء، وقيل الخميس، فيه توفي محمد أفندي بن أحمد أفندي البكري، وذلك يوم الجمعة، وصلي عليه بالجامع ودفن بتربة الشيخ رسلان. شعبان، أوله الخميس، في سادسه، أول الخلوة البردبكية بدمشق، وكان ختماً حافلاً حضره أكابر وأعيان، تقبل الله من الجميع. وبعده في ثاني عشره وردت السليمانية لحامد أفندي، مفتي دمشق الشام. درس النابلسي وفي يوم الثلاثاء ختم درس التفسير بالسليمية الشيخ عبد الغني النابلسي، وحضر خلق كثير. وفيه تمرض شيخنا ملا إلياس، كان محققاً في العلوم، زاهداً في الدنيا، قليل التردد على الحكام، متقشفاً، مقيماً في مسجد العداس، والله ينظر إليه بالخير والعناية والعافية. نزهة في الباسطية وفي يوم الاثنين رابع عشرهن كنا نحن وجماعة من الأصحاب بالباسطية بالصالحية، وكان بعض أفاضل، وكانت المطالعة في شرح المنفرجة لمنشيء هذا التاريخ. ومكثنا من بكرة النهار إلى العشي، وبينها وبين الجسر الأبيض رمية حجر من شماليه، لأنها من المتنزهات المعدودة والأماكن المقصودة، حسنة العمارة والرونق، ذات إيوان عالي الجناح والجوسق، بحرتها تسر الأنظار وتنسي الأكدار، يترقرق من جوانبها لجين الماء، وينطبع من صفائها في جوها السماء، وقلت ممتدحاً لها عدة أبيات: ابسط رجاءً للسّرور وفرحةً ... بالباسطّية، واكتفي بالغال شّتتّ أكدار التكدّر والجفا ... وأتيت منها هادياً للبال تسليك بركتها ونزهة حسنها ... عن ربوةٍ غنّا وعن خلخال والورد في الجنبين من جنباتها ... قد أعكفت أغصانه على السّلسال لله يومٌ في دارها خلته ... يحكي المقام بجنّة الأفضال ثم انقضى اليوم، كانقضاء النهار بنجوم حنادسه، والتقم الغم قلب المعنى، كما التقم القلب وساوسه. الملا إلياس الكردي وفي صبيحة النصف من شعبان، سلمنا على مولانا ملا إلياس بجامع العداس، وهو كثير التوعك. وفي عشية يوم ذاك الثلاثاء، توفي إلى رحمة الله، وفي صبيحة يوم الأربعاء، صلي عليه بجامع المصلى، وكانت الخلق لا تحصى، ودفن بالباب الصغير قرب شيخه السيد حسن بن المنير. أخذ ببلاده عن الأجلاء بها، ثم ورد بغداد ولازم ملا علي الكردي، وأخذ عن الشيخ إبراهيم الكوراني نزيل المدينة، وورد دمشق وحضر دروس الأجلاء بها، وانتفع به خلق كثير. وكان يقرئ في ساير العلوم، وله حاشية على عصام، وحاشية الجامي، وحاشية علي القيرواني شرح السنوسية. وتقريره في غاية الحسن والجودة، رحمه الله وعفا عنه. وفي ثالث عشرين شعبان، كنا في زيارة ولي الله الشيخ عمر الخباز، وفي ثاني يوم زرنا الشيخ بايزيد. رمضان، لم يقع فيه ما يؤرخ. القافلة شوال، في أوسطه خرج الحج، وفي آخره رجعت المزيربتية، ورحل أمير الحج قبل الهلة بيومين. ذو القعدة لم يقع فيه ما يؤرخ. ذو الحجة، في عاشره، كان الخميس العيد، فيكون أوله الثلاثاء. فتنة في دمشق وفي آخره توجه القاضي بيري زاده، ووقع فتنة من جهة تسفير القبجي الذي جاء من جهة المعاملة، وسكر الجامع ثم فتح، وذلك يوم الجمعة آخره. وفيه وردت مكاتيب العلا، وفيها أخبار مسرة. محرم الحرام سنة 1139 الذي هو من شهور سنة تسع وثلاثين وماية وألف 30 - 8 - 1726م الحكومة
يوميات شامية
أوله الخميس، أو الجمعة. وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والعجمية السلطان أحمد ابن محمد خان، والباشا بدمشق إسماعيل باشا ابن العظم، والقاضي نائب القاضي الآتي، وقيل توفي في طريق الروم، والمفتي حامد أفندي، والعلماء والمدرسون على حالهم. الميطور في ثالثه، يوم الأحد، كنا ببستان الميطور، وكان أكثر المطالعة بكتاب العهود للشعراني. يوم السبت. فيه دعانا الأخ أبو الصفا مصطفى أفندي إلى المزه، فزرنا دحية الكلبي، ثم ذهبنا ثاني يوم إلى بستان العلم بها، وكانت المطالعة في كتاب الألغاز للإمام الجراعي الحنبلي، والفروق للزريراتي الحنبلي، بقراءة الشيخ أحمد بن عبد الله الخطيب الحنبلي، وذلك في مجموع، وفيه من الفوائد ما لا يحصى. وفي آخره نزلنا لدعوة هي لبعض أصحابنا، دعانا إليها. وإجابة دعوة العرس واجبة، وذلك يوم الأحد، حادي عشر محرم الحرام. برزة وفي يوم الجمعة، ليلة السبت، سابع عشر الشهر، كنا في نية الذهاب إلى المقام. وفي سبت ذاك كنا في المقام لزيارة خليل الرحمن عليه السلام، وكان أكثر مطالعتنا في العهود للشيخ الشعراني. فتن العسكر في دمشق وفي يوم الاثنين والعشرين في الشهر، صار شوشرة بين الينكجرية ودولة القلعة وسكرت البلد. وفي يوم الاثنين ثالث صفر، دخل المحمل، والحج دخل الأحد. الشيخ أحمد سراج وفيه، يوم السبت أواخر صفر، توفي الشيخ الصالح المستغرق المجذوب الشيخ أحمد بن سراج، وكان من المجاذيب الكبار، وملبسه زي العقلاء، لكنه ذو أحوال ظاهرة. فإذا دخل دار أحد قال: هذه دارنا ووقف أهلنا. ويكتب في أوراق كتابةً لا تفهم، وله كشف، وربما يشتم بالسفه بعض الناس، وكان من أصحاب المقامات وأرباب الكشوفات، ودفن بالباب الصغير. وفي آخره، سافر الصر أميني والسقاباشي على الروم ومن عادتهم أنهم يسافرون آخر شهر صفر. وفيه بلغ أن ابن الباشا أبو طوق توفي، والباشا لا يفارق من على التربة ليلاً ونهاراً. ربيع الأول، أوله الاثنين، فيه في عاشره بلغ خبر بأن ابي طوق توفي، وقيل أصابه الفالج. خان الليمون وفيه شرع باشة الشام بعمارة خان الليمون، فجعله عشرة مسالخ يذبح فيها اللحم، لا في غيره، ما عدا الصالحية والميدان، وإليه تدبير الأمور. مجذوب وفيه في سادس عشر الشهر، توفي رجل من المجاذيب، فيه قرابة لبني الغزي، ويستحق في الوقف، ويأخذ قدر استحقاقه، وصلي عليه في الأموي، ودفن في الباب الصغير، وعملت صباحيته في المشهد المقابل للبير، من جهة الشرق، وعزى الناس الشيخ أحمد المفتي، حفظه الله تعالى. فتح الله الداديخي شهر ربيع الثاني، وأوله الثلاثاء، فيه توفي فتح الله جلبي الداديخي في السبت ثاني عشر الشهر، توفي المذكور، وصلي عليه بالجامع ودفن بالشيخ رسلان. تولى تدريس المدرسة الباسطية بالصالحية، والمدرسة الريحانية داخل دمشق، وطلب وقرأ أطرافاً من الفقه والنحو، وصار يتولى النيابات والقضاء، وسقط في هذه السنة عن فرسه، فحمل إلى داره مفلوجاً، إلى أن مات في التاريخ المشار إليه، وخلف كتباً نفيسةً. رجب باشا وفيه بلغ خبر بوفاة رجب باشا، أنه توفي بالعجم في آخر الشهر. الشيخ بدر الدين النقشبندي سادس عشرين ربيع الثاني، ليلة السبت، توفي الشيخ الإمام الولي المعتقد الأديب الشيخ بدر الدين بن جلال الدين بن الغوث النقشبندي، ورد دمشق في سنة أربع وتسعين وألف، وأُنزل خلوة القيشاني شرقي الأموي، ومعه ابن عمه هداية الله. وكان صالحاً عابداً ساكناً مستقيماً ثابتاً، وهو من ذرية الغوث، صاحب كتاب الجواهر الخمس، وتمرض قدر سنة بمرض الاستسقاء والورم. وصلي عليه ظهر يوم السبت بالجامع، ودفن بتربة الشرقية إلى جهة الغرب، في مقابر الغرباء في تربة مرج الدحداح عند ابن عمه هداية الله، الذي توفي قبله بزمن كثير، وغسل بالمدرسة السميساطية، وعملت صباحيته بالمشهد الشرقي. الباشا عثمان أبو طوق وفي سابع عشرين ربيع الثاني، يوم الأحد، توفي الباشا الذي هو عثمان باشا، الشهير بأبي طوق بصيدا، وورد بذلك ساعي. جمادى الأولى، أوله الأربعاء، فيه، في خامسه ورد الساعي المخبر بوفاته ودفن بصيدا.
يوميات شامية
وفيه في أوله، ورد قاضي الشام مصطفى أفندي منصوري زاده، ودخل ليلاً أول الهلة، ومعه ثلاث نواب، وذهب لدار العدل، وألبسه الباشا قباء سمور على جاري العادة. والله يصلح الراعي والرعية. وتوجه نواب القاضي المتوفى إلى الروم. حمام الخياطين وفيه شرع الباشا بعمل حمام وسوق الخياطين، وكان خاناً مردوماً من قديم من نحو مائتي سنة، وحزر على نقل التراب والكيمان نحو الألف، والله يحسن الأحوال بمنه، آمين. يوم السبت حادي عشر جمادى الأولى، وردت الخزنة من مصر ضحوة النهار. محمد الدسوقي وفي يوم السبت، فيه صلي على السيد محمد ابن الدسوقي، وكان عابداً ساكناً. وذلك بعد صلاة الظهر، ودفن بتربتهم بالباب الصغير، شرقي سيدي بلال، رضي الله تعالى عنه، وعملت صباحيته بالجامع. وفيه أُرسل الشيخ أبو الطيب بن السيد البرزنجي إلى رودس داخل قبرص، بعد أن كان محبوساً في القلعة الدمشقية من نحو سنتين، ولا حول ولا قوة إلا بالله، والله يفرج عنه آمين. جمادى الأولى، وأوله الجمعة في أوله سافرت الخزنة للروم. وفيه سمع أن الأمير أُويس الذي بمملكة العجم وأخرجه الشاه وتملك أصبهان، تغلب على عسكر بني عثمان، ورجعوا ولم تحصل نصرة، وهو من أهل السنة، وقع له رؤيا في قتالهم لارتكابهم مسبة الصديق والصحابة، وهم مستاهلون أكثر من ذلك، ومعه عساكر جرارة لا تحصى ومعه علماء وفضلاء، ولا يعمل شيئاً إلا على وجه الشرع الشريف، وله تنسك وتعبد سار في جميعهم كالصحابة. أطواخ وتنقلات وفيه ورد لأسعد باشا، ولد إسماعيل باشا ابن العظم طوخان لباشوية محروسة ترابلس، وسليمان باشا عمه عزل إلى أرزوم، ووجهت صيدا لعبد الله باشا ابن الوزير الكبرلي. وفي نيتهم إخراج قرا متسلم سليمان من حبس القلعة، وله نحو سنتان فيما أظن، أو سنة ونصف، ويطلع على أكياس. ووقف الباشا جبر على البلاد الحورانية، وراشد النعيم على الجبلية. والله يصلح أحوال المسلمين. مدرسو الحديث رجب، وأوله الأحد، وقيل السبت، فيه جلس مدرسون الحديث في دروس الحديث. قيحي لجمع الأموال وفيه توجه الباشا إلى ناحية القدس، وورد من الروم قبجي يوصي لابن العظم على جمال وحمل غلة نحو عسكر ابن عثمان تصل إلى بلادهم، فهربوا من وجه القبجي. وفيه شاع أن الأمير أشرف توجه نحو بني عثمان فهربوا من وجهه، والله يصلح أحوال الطرفين إلى خير الأمرين. عودة السكمان شعبان، أوله الأحد، والأصح الاثنين، فيه رجعت السكمان من الأسر، وصار لهم عفو. وفيه، فيما سمع لأبي الطيب الذي تقدم أنه سركن من جيش دمشق إلى رودس، صار له إطلاق. وفيه أُطلق قرا متسلم. وكان محبوساً بالقلعة في دمشق. في تاسعه، يوم الاثنين، كانت الخلوة البردبكية بدمشق، وحضر أكابر وأعيان في جملة أيامها إلى يوم الخميس، وهو يوم ثاني عشر، تقبل الله من الجميع بمنه. ختم النابلسي وفي يوم الثلاثاء عاشره ختم مولانا الشيخ عبد الغني درس السليمية بالصالحية في التفسير، وحضره الأكابر. ليلة المحيا وفي ليلة النصف، كان المولد بالسليمية، وحضر الخاص والعام، وبقي المولد نحو ثلاث ساعات، ودعوا وصلوا على رسوله عليه السلام، ثم ذهبوا إلى مكانهم، وكان في مطر، وكان له من يوم الجمعة. الباسطية يوم الرابع عشر كنا بالباسطية نحن وجماعة من الإخوان. وهي مدرسة نزهة بإيوان كسروي وبحرة عظيمة وقاعة بصفة قماري. والأحواض من جهة البحرة يميناً ويساراً، وهي شمال الجسر الأبيض بنحو اثني عشر خطوة، وماؤها من يزيد. وتنسب إلى الأمير عبد الباسط الظاهري، ومتوليها ومدرسها، خطيب دمشق، أحمد أفندي ابن محاسن. يوم الأربعاء، دخل الشام حج من الروم، وذلك رابع عشرين الشهر. رمضان وأوله الأربعاء على الشك، وصامته الحنفية والحنابلة على وجهي المذهبين. زوجة حامد المفتي يوم الخميس ثاني رمضان، توفيت زوجة المفتي حامد أفندي العمادي، وهي بنت المرحوم الشيخ السيد تقي الدين الحصني، عن بنت، وعمل الصباحية بالجامع الأموي، مقابل نبي الله يحيى عليه السلام. وفي خامس عشر الشهر، دخل آخر حج الأروام، وكاتب الصر والسقا باشي وغيرهم. العثمانيون والسلطان أشرف
يوميات شامية
وفيه بلغ خبر مؤكد، أن بني عثمان وأمير أشرف الهندي اصطلحوا، وبطل السفر والحمد لله. والعسكر النازل بالميدان الأخضر، لما ورد القبجي رجعوا إلى بلادهم، والحمد لله على الصلح بين الفريقين، لأن كل الطائفتين من أهالي السنة. علي الأسطواني شوال، أوله الخميس، في سابعه توفي علي جلبي الأسطواني، وأُعلم له، ودفن بالفراديس. سقوط القطرانة وفيه بلغ خبر بأن العرب أخذت قلعة القطراني، وقتلوا كل من فيها، حتى إن منهم رجل كان يقرأ القرآن، قتلوه وهو يقرأ، ولا حول ولا قوة إلا بالله. يوم الاثنين ثاني عشر الشهر طلع المحمل والباشا إلى قبة الحاج. العملات والأسعار وفي ثالث عشره نودي على المعاملة، أن القرش بأربعة من المصاري الكبار الصاغ، والمقصوص كل ثلاثة بمصريتين، والفلوس، لا يروج إلا القسطنطيني. ونودي على الخبز بمصريتين وقطعة من الفلوس كل تسعة بمصرية، وكل ثلاثة منها قطعة، إذ لا قطعة فضية الآن، واللحم بعشرة، والرز بخمسة، واللحم بخمسة عشر غير صاغ، وتم الأمر على ذلك، فاللهم نسأله أن يرخص أسعار المسلمين. منصوري زاده وفي يوم الاثنين ثاني عشر شوال، توفي منصوري زاده قاضي الشام وصلي عليه بالأموي، ودفن قرب بلال. وفي تاسع عشر الشهر خرج الوفد الشامي والحلبي. وفي يوم الخميس، ثاني عشرين شوال، كنا في بستان المساطبي نحو الزينبية، مع بعض أصحاب من أهل العلم. بستان ست الشام وفي رابع عشرينه، كنا في بستان ست الشام، الكاين بالسهم الأدنى، شمالي الجسر الأبيض والشبلية، وقبلي الحاجبية، مع بعض أفاضل، والمطالعة في كتاب الصادح والباغم للأديب الفاضل ابن الهبارية. وفي ثامن عشرين شوال، وردت المزيربتية، وأخبروا أن الحج بخير، والحمل والزاد كثير. ذو القعدة كنا في بستان الطويل بالمنيحة، دعانا بعض الأصحاب. وأول الشهر، كان الجمعة، وقيل السبت. عبد الباقي مغيزل وفيه تولي العلامة أبو اللطف عبد الباقي ابن مغيزل الشافعي، من مدرسي جامع الأموي. أخذ عن ابن بلبان الصالحي وغيره من العلماء، وتوفي بداره في محلة باب الخضرا، وصلي عليه بالجامع، ودفن بالدحداح، عفي عنه. حرم المحاسني وفيه توفيت زوجة أحمد أفندي المحاسني خطيب دمشق، وأُعلم لها. والآن، الغوش باقي على حاله، ونسأله العتبى والمسامحة من الذنوب وغفلات العيوب وزلات القلوب، إنه بعباده غفور رحيم، عفو كريم. نزهة وفي يوم الأربعاء، رابع ذي الحجة، كنت بمكان نزيه، فيه كل خدن نبيه، تأرجت وجنات ورده بالاحمرار، وصففت كفوف أغصانه بخواتم الأزهار، فقلت من بحر الطويل قصيدة شوقية مع حالة عشقية. وفي عاشره، كان العيد الثلاثاء، فالوقفة الاثنين. محرم الحرام سنة 1140 محرم الحرام سنة أربعين وماية وألف 19 - 8 - 1728م الحكومة وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والأعجمية السلطان أحمد بن السلطان محمد بن إبراهيم، وباشة الشام إسماعيل باشا ابن العظم، والقاضي نائب المتوفى، والمفتي حامد أفندي، والمدرسون على حالهم. وأُعطي لأول ربيع يكون آخر المدة التي لمنصوري زاده، وقيل إن القاضي الآتي يقال له شكري أفندي، ووجهت له، وقيل، في صفر يكون نايبه. اكتمال حمام الخياطين وفي ثامن عشر محرم، تم حمام الخياطين الذي أنشأه كافل دمشق إسماعيل باشا، وكان الباشا في الحج، وعمل معلمه مولداً ودعا أكابر وأعيان، وقعدوا في ظاهر الحمام. رجب بن محاسن صفر، وأوله الثلاثاء. ثالثه دخل الحج، وهو يوم الخميس، وفي رابعه، الجمعة. دخل المحمل الشريف بكرة النهار، وأخبرنا الحجاج بأنه توفي الشيخ رجب بن محاسن الشافعي، من أهالي الصالحية. أخذ الفقه عن الشيخ محمد بن السماقي الصالحي، والشيخ محمد بن صالح الصالحي، ولازم العجلوني الشافعي وأقرأ لغاية أوان الحج، وتوفي بالزرقا، ودفن هناك. وفيه توفي قاضي مكة بالرمثا، قبل المزيريب بنصف يوم، ودفن بها. وأخبروا أن الوقفة كانت الاثنين كما في دمشق، كما تقدم في شهر الحجة. مقتل عبد الله بن صدقة
يوميات شامية
وفيه قتل عبد الله آغا بن صالح آغا بن صدقة. قتله رجل من الشاغور يقال له ابن يغمور، من قطاع الطريق، ويقطع عند كيمان الباب الصغير، يقتل ويأخذ المال، وكان رفيقه في السكر والخباثة، ومن أعان ظالماً سلط عليه، ثم قتله الينكجرية في ليلة ذلك، لا رحمه الله تعالى. وفيه جلس في نيابة الباب عمر أفندي بن القاري. ربيع الأول، وأوله الخميس. في ثالثه، يوم السبت سافر بقية الحجاج. وفي أوله وآخر صفر، كان آخر الفرح للباشا. ربيع الثاني، أوله السبت، دخل شكري أفندي، ولبس من الباشا قباء سمور. رؤوس العرب في دمشق يوم الأحد، فيه دخل البريدي، ومعه رؤوس من العرب، كومت عند السرايا، وهي نحو أربعين رأساً على أعمدة ورماح، مع شبان من داريا، وبيرق أبيض. جمادى الأولى، حرج الباشا على حنطة البلد وضبط الحواصل. الرسالة المشتملة وفيه راسلت الأخ الأمجد محمد جلبي بن رحمة الله أفندي أطلب منه رسالتي التي ألفتها المسماة بالرسالة المشتملة على أنواع البديع في البسملة، وكان نقلها من نسختي، ثم إن نسختي فقدت وعليها خطوط العلماء: الحافظ الحنبلي وحقي أفندي الرومي البرصلي المعز البليغ، فطلبت الرسالة المرقومة من نسختي. جمادى الثانية، ألغزت لبعض الأصحاب الأفاضل. رجب، أوله الثلاثاء، فيه ورد حج من الروم. شعبان، فيه كانت الخلوة البردبكية، ختماً حافلاً، تقبل الله من الجميع. عبد الوهاب المهوش وفي خامس عشره، توفي الحافظ لكتاب الله الشيخ عبد الوهاب بن المهوش، وصلي عليه بالأموي ودفن بالفراديس. أخذ عن بلبان الصالحي، والطريق عن عيسى الخلوتي، وذهب للروم مراراً، وصار له عثمانية تبلغ المائة، عفي عنه، آمين. رمضان المبارك، أوله السبت على إتمام هلة شعبان. وفيه ورد حج من الروم، وحرمة من أهلية الملك ابن عثمان. وحج من الشام خلق كثير، والله يصحبهم بالسلامة والعافية. شوال، أوله الاثنين. في ثامنه يوم الاثنين طلع الباشا قريب الظهر. وفي الخامس عشر طلع الحج كله. حسن العجلاني ذو القعدة، أوله الأربعاء، في أوله توفي مولانا السيد حسن ابن السيد حمزة العجلاني النقيب حالاً على أشراف دمشق، وجلس للنقابة أخوه السيد عبد الله أفندي مدرس الجوهرية. ذو الحجة، قبل العشر وردت مكاتيب العلا. سعدي البكري في يوم السبت سابع عشر الشهر، توفي سعدي جلبي ابن أسعد أفندي البكري وكان بالروم، ومكث نحو أيام قلائل نحو اثني عشر يوماً وتوفي وصلي عليه العصر بالجامع ودفن بتربة الشيخ رسلان عند أهله. عبد الرحمن البهنسي يوم الاثنين تاسع عشر الشهر، توفي عبد الرحمن أفندي البهنسي ودفن بالفراديس الشرقية. نقابة الأشراف وفيه ورد فرمان نقابة الأشراف للسيد عبد الله أخي النقيب، ولم يبق في مدة القاضي غير شهرين، وهو ولي كل أمر. محرم الحرام سنة 1141 محرم الحرام سنة واحد وأربعين وماية وألف 7 - 8 - 1728م الحكومة وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والأعجمية السلطان أحمد بن السلطان محمد خان، عليه الرحمة والرضوان، ووزير دمشق إسماعيل باشا النعماني بالحج الشريف، والقاضي شكري أفندي، والمفتي حامد أفندي العمادي، والمدرسون على حالهم. حمام الخراب يوم الجمعة أول محرم، فتح الحمام في محلة الخراب الذي أنشأه الباشا، وطلع في غاية الحسن والنضارة. وفي ليلة الجمعة، رابع عشر محرم الحرام، كسف القمر، وصلوا الناس صلاة الكسوف. وفيه حرج الحكام: المتسلم والقاضي، على الطحانة والخبازة، أنهم يبيضوا الخبز. وحبسوا منهم جماعة. محمود الكردي وفي يوم الثاني والعشرين من المحرم، جاء جوخدار الباشا، وأخبر أن الحج بخير، وأن الرخاء شيء كثير، ولكن مات كثير من أعيان: فتوفي الملا محمود بالمدينة، كان صالحاً متعبداً، له مشاركات في بعض علوم، ويكتب للشفا فتحصل منه بركة، وكانت تأتيه هدايا من الروم، وترد عليه الزوار لزيارته، وهو على زي الأروام، ودفن بالبقيع. عفي عنه. وفيات الحج
يوميات شامية
وممن توفي بمنى، سنان آغا من كتاب السنانية، وعبد الله آغا الرومي، آغة الينكجرية سابقاً، والسقا باشي الصغير والكبير، وتوفي قاضي مكة المعزول منها، ومن الحجاج ما لا يحصى. وهو الفعال لما يريد، والمسلم إليه من غير تعليل ولا تحديد. دخول الحج صفر، وأوله الأحد، يوم الرابع فيه، وهو الخميس، دخل الحج الشريف، والجمعة المحمل، الضحوة الكبرى، وكان موكباً حسناً. في آخره سافرت الحجاج الأروام إلى بلادهم. يوم السبت، اثني عشر في الشهر كنا مع جماعة من الأفاضل بالربوة. في أواسطه كنت ببستان المروبص عند بعض أصحاب، ومكثت نحو يومين وهو مكان نزه كثير المياه، كثير الفواكه، قبلي الحواكير. مصطفى البعلي وفي أواخره توفي الشيخ الإمام الفقيه مصطفى بن علي البعلي، المعروف بابن مياس الحنبلي. كان فقيهاً نحوياً ناسكاً ورعاً. أخذ الفقه عن شيخ الإسلام محمد بن بلبان الحنبلي الصالحي، وقرأ في الفقه الحنفي عن الشيخ العلامة علاء الدين ابن علي الحسكفي. وعليه خطابة جامع التوبة وبعض عثمانية، وصلي عليه بالتوبة، ودفن بتربة الفراديس الغربية، آمين. ربيع الأول، أوله الثلاثاء. خامسه السبت، كنا مع جماعة من الأفاضل بالربوة ذات قرار ومعين إلى المسا. دخول سليمان باشا العظم وفي يوم الاثنين، رابع عشر الشهر، دخل سليمان باشه، أخو إسماعيل باشه، كافل دمشق، ولاقا له الأكابر والأعيان، ونزل دار علي آغا ابن الترجمان، قبلي القلعة، وشمالي المرستان من غرب. رسالة وفي سادس عشرين ربيع الأول، راسلت الأخ الفاضل الشيخ عبد الرحمن، الفقيه الشافعي، المقيم بمصر للطلب، وكان أرسل لي عدة مكاتيب بطريق إنشائية وبلاغة أدبية، فأرسلت له مكتوباً بطريق الإنشاء والتقفية على قاعدة الأدباء. ربيع الثاني، وأوله الخميس، في ثانيه يوم الجمعة نزل المطر الوسمي. الأشراف والزعران وصار فتنة، لأن رجلاً شريفاً جرحه رجل يقال له: الآبا، بالمد، من الزربا والأشراف والعتو، من حارة المزابل، فقام الأشرار على ساق، والآبا ذهب إلى عند المجروح، وتعهد بالإنفاق عليه إلى حين البرء، ولا يعلم يبرأُ أم يموت. وفيه سركن إسماعيل آغا ترجمان المحكمة، قيل إلى قبرص وقيل إلى أرواد. تنقلات القضاة جمادى الأولى، أوله الجمعة، وشكري أفندي قاضي الشام، وأُعطي الظاهر إلى رجب، لكن مراده الذهاب مع خزنة السكر وخزنة الطيور، ويولي أحداً إلى آخر جمادى الثاني. دخل محمد صدري باشا قاضي الشام في الخامس والعشرين منه. وفي هذا الشهر انتقل شكري أفندي إلى دار السيد عبد الرحمن أفندي الأسطواني. يوم الخميس، آخر جمادى الأولى سافر شكري أفندي إلى بلاده. تقرير للباشا جمادى الثانية، أوله الأربعاء، جاء كافل دمشق تقرير وإمرية الحج، وضرب كم مدفع. محمد المنير يوم الثلاثاء، سابع الشهر، توفي السيد محمد بن السيد عبد الرحمن بن السيد محمد المنير عن ثروة وولد ذكر ومملوك وزوجة. وكان متولياً مشيخة الجامع وعليه وظائف وديون له كثيرة، عفي عنه آمين. الثلوج والأمطار يوم الخميس السادس عشر، فيه نزل ثلج كثير في دمشق، وبقي على الأرض أياماً. وفي يوم الجمعة بعده نزل مطر وثلج كثير، وبقي التواصل نحو أسبوع ولله الحمد والمنة. في آخره، سافر الباشا للدورة، وحصل بعد سفر الناس معه فرق ومشقة. رجب، أوله الأحد، دخول الخلوة البردبكية بدمشق. يوم السادس والعشرين كان آخر الخلوة البردبكية، فيكون الدخول يوم الاثنين، يوم ثالث وعشرين الشهر. يوم الخميس كان آخر ذلك، وحضر أعيان من دمشق: سعيد أفندي مدرس القزمازية، محمد أفندي الكنجي، من مدرسي الجامع، الشيخ محمد أفندي من مدرسي الجامع، الشيخ إسماعيل العجلوني من مدرسي قبة النسر، الشيخ محمد العجلوني الفقيه الشافعي، والشيخ عبد الرحمن أفندي مدرس السميساطية، وأخوه الشيخ أحمد، ومولانا السيد محمد بن الشيخ مراد، وولده السيد إبراهيم. وفي آخر النهار، ورد مولانا خطيب الجامع، أحمد أفندي المحاسني، والشيخ محمد أفندي الغزي، ابن المفتي، والشيخ محمد أفندي بن حسن أفندي، وصادق آغا، من متقاعدي دمشق، أبقاهم الله، آمين. وفي سبت ذلك، يعني الثامن وعشرين، كنا في سير بالصالحية. شعبان، أوله الثلاثاء.
يوميات شامية
ختم الدروس بالمرشدية يوم العاشر، فيه ختم درسنا بالمدرسة الخديجية المرشدية، من آخر الكفالة، والوقف على قوله في الكنز: فصل في مسايل متفرقة. وجيء بالبخور والماورد، وختمنا وانصرفنا، وكان ختماً حافلاً، تقبل من الجميع. رمضان، لم يقع فيه ما يؤرخ، وأوله الأربعاء. شوال، أوله الخميس. خامس عشره طلع المحمل. يوم العشرين، طلع الحج، ودخل الحلبي. السبت، طلع الحج الحلبي، وبعض أعجام. وفي الأربعاء السادس والعشرين رجعت المزيربتية، وأخبرت أن الحج بخير والرخاء كثير. ذو القعدة، أوله الأحد، أو السبت. وفي الشهر المذكور، دعانا الأخ الأمجد صادق الناشفي إلى سير جعله في قصر الباشا، الكاين في شرفها القبلي، قرب الخلخال. بستان الباسطي وفيه ذهبنا مع جماعة من الأفاضل لبستان يسمى الباسطي، أول التوت، نواحي الغوطة. ذو الحجة، أوله الثلاثاء. نزهات الخامس فيه، دعانا الأخ يس من أهالي الشاغور إلى بستان له بالغوطة، ودعا جماعة من أكابره. وفي المساء ذهبنا إلى عند داعينا الأخ مصطفى باشة إلى بستان القماحية لأنه كان منتظراً، ومكثنا عنده يومين. وكان أرسل دعانا مع شخص معتمد عليه فقلنا: نحن مدعوون إلى تلك في الدعوة السابقة، ونأتي لنكون بسير واحد فتخف مشقة الذهاب. بستان القماحية وهو بستان واسع جداً لا يمكن يدوره الإنسان ولو بدابة، وهو في تعلق بني الخالجي من آغوات دمشق. والغوطة من أعلى المنازل وأحسنها وأنضرها وأبهجها، واتفق المؤرخون على ترجحها على منتزهات الدنيا كما ذكره القزويني. يوم الرابع من ذي الحجة، طلع إبراهيم باشا، ابن كافل دمشق على الجردة لملاقات والده، وهو كافل ترابلس الآن. سرقة القاضي وفيه سرق لقاضي الشام الباسطي بعض أشياء وكان بقصر سنان بالصالحية. وفيه وردت كتب العلا، وفيها أخبار مسرة، والله يجعل التمام إلى خير بمنه، آمين. وفي الخميس عصرية العيد الأضحى، ذهبنا إلى دمر إلى عند صاحبنا الحاج مصطفى النحلاوي، ومكثنا ثلاث ليال ويومين. والبستان مضاف لبني الأرناؤوط على حافة بردا. علماء دمشق ونظمت في هذا السير بأبيات. وكان معنا من الأصحاب السيد محمد ابن السيد راشد الخواجا، والسيد إبراهيم الحكيمي الصالحي، والشيخ إبراهيم الحافظ، والشيخ عبد الرحمن الحنبلي، وأخوه الشيخ أحمد الحنبلي، والشيخ محمد الحنبلي، وولدنا سعيد، وأخوه عيسى ومصطفى وصادق، وولده. بستان الأرناؤوط وهذا البستان من أنزه الحدائق. وكان أيام المشمش والتفاح، وليس فيه التوت، وفواكهة كثيرة، ومياهه غزيرة، ونسأله أن يشرح صدورنا، وييسر بفضله أمورنا. إنه على كل شي قدير. جهاز حفيدة النابلسي وفي آخر ذي الحجة، انتقل جهاز بنت الشيخ إسماعيل بن الشيخ عبد الغني، إلى مولانا السيد إبراهيم بن الشيخ مراد، وكان ليلة الجمعة، ونسأله حسن الأحوال ودوام المحبة والوداد بغير اختلال، آمين. سنة 1142 سنة اثنين وأربعين وماية وألف 28 - 7 - 1729م الحكومة وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والعجمية السلطان أحمد، ابن السلطان محمد بن عثمان، والباشا ابن العظم النعماني، بالحج الشريف، والقاضي صدري زاده الباسطي، والمفتي حامد أفندي، والعلماء والمدرسون على حالهم. محرم، وأوله الخميس. حفل ختان في ثامن عشره، الأحد، دعينا إلى ختان ولد لصاحبنا أمين جلبي، إلى داره بالصالحية، في حكر الأمير المقدم الظاهري، وتكلف كلفةً باذخةً، ودعا علماء وفضلاء وصلحاء، ولم يأخذ من أحد شيئاً، وهو المدبر سبحانه. وفي الرابع والعشرين من الشهر، الأحد، دعانا الأوحد الأعز صادق آغا إلى بستانه بوادي كيوان، وكان معي الشيخ أحمد الحنبلي، وكان أواخر الصيف، وإليه كل أمر. وفي يوم ذلك، جاء الجوخدار من قبل الحج، وأخبر أنه فارق الحج من معان. وفي يوم الاثنين والعشرين ورد الكتاب. صفر، أوله الجمعة، الأحد، فيه ورد الحج. وفي الاثنين ورد المحمل. خامس عشر صفر، يوم الجمعة، حصل لصاحب التاريخ من نوع الناقض والحمى ما يودي إلى الهلاك، وورد علي خلق كثير للسلام علي، أعيان وغيرهم، تقبل الله من الجميع آمين. الشيخ عبد الوهاب
يوميات شامية
ربيع الأول، وفيه توفي خطيب جامع الحشر الشيخ عبد الوهاب ابن الشيخ محمد، ودفن بالدحداح. ربيع الثاني، لم يقع فيه ما يؤرخ. ولكن شفيت من المرض الذي كنت فيه، فتكون مدة التشويش نحو شهرين، وحصل الشفا ولله الحمد والمنة. جمادى الأولى، أوله الثلاثاء. ليلة الأحد خامس الشهر، جاء الباشا بشارة الاستقرار. جمادى الثاني، وأوله الخميس، وقيل الأربعاء. الأمطار والثلوج السادس عشر، فيه نزل ثلج كثير بدمشق، وبقي أياماً لم يفتر. وقبله كان نزل مطر غزير لم ير مثله من زمان كثير. رجب، أوله الجمعة. العاشر فيه يوم الاثنين أول الخلوة البردبكية بدمشق، وحضر أعيان وأكابر وغيرهم، والله يوفق لما يحبه ويرضاه، ويقبل منا اليسير ويعفو عن كثير. الخلوة وعلماء الشام وحضر كثير من الأعيان. من أصحابنا: سعيد أفندي النقيب مدرس القزمازية، محمد أفندي الكنجي من مدرسي الجامع، الشيخ محمد أفندي الغزي من مدرسي الجامع، الشيخ أحمد العجلوني الفقيه الشافعي، الشيخ إسماعيل مدرس قبة النسر، الشيخ عبد الرحمن أفندي المنير، وأخوه محمد بن الشيخ مراد، وحسن أفندي القاضي الكبير، وغيرهم مما لا يحصى والله أعلم. شعبان، أوله الأحد، دخل قاضي الشام باقي زادة. أحمد ابن قرنق في ثامن عشره توفي أحمد آغا ابن قرنق كاتب السليمية، وذلك يوم الأربعاء، وصلي عليه بالجامع ودفن بالباب الصغير، وصباحيته بالسنانية. في السبت سابعه، دخلت الخزينة المصرية. وفي نصفه، سافر قاضي الشام صدري المعزول يوم السبت. رمضان، أوله الأحد لثبوت شعبان السبت فأكملوا الثلاثين. وفيه ورد بقية حج الروم. شوال، أوله الأربعاء على ثبوت الحساب السابق في شعبان، مع إكمال رمضان ثلاثين. رابعه، ورد الباشا من الدورة، وعلى ما حكي، قتل من جماعته خلق كثير. وأكثر أهل تلك البلاد، أصحاب قوة وبأس شديد. حديقة البهنسي وفي يوم الاثنين، سادس شوال، كنا في حديقة ببيت الشيخ إبراهيم البهنسي بالسكة، وفيها من الورد مما لا يحصى، وبها مكان مكين على نهر يزيد، وبها ورد قد انكفأ بعضه على بعض، وعطر بعرفه الطيب المحض، قد سار النهر في قبلته، وانكفى الورد عليه إلى جهته، وقد تراكم الزهر بها والبيلسان، وحط عارض الروض هذه السوسان، ورقي الشحرور وعلا منبر أيكته، فقام بخطبة للقوم في غير يوم جمعته، مع جملة أصحاب، حديث سمرهم مستطاب. مدرسة إسماعيل باشا العظم وفي ثامن شوال، كملت مدرسة ابن العظم كافل دمشق، ودرس فيها الشيخ مصطفى بن سوار، الفقيه الشافعي، وحضر الواقف وعلماء وعوام. وباب المدرسة في جهة الخياطين. وفي الاثنين ثالث عشر شوال، طلع المحمل والباشا، وهو المسهل. وفي يوم السبت الثامن عشر طلع الشامي والحلبي والجميع، والحلبي دخل يوم السادس عشر. حفلة زفاف في آخر الشهر دعانا الأخ موسى آغا، كاتب العربي بالسرايا سابقاً، إلى زواج ولده محمد آغا، الشاب الخالي العذار. تمم الله له فرحه بخير. وحضرت يوم ذلك. ومدة الفرح ثلاث آخرها ليلة الجمعة، أول ذي القعدة، أو ثانيه. ظهور فتحي الدفتردار ذو القعدة، أوله الخميس. في رابعه الأحد، ركب متسلم دمشق، ابن أخي الكافل، ومعه الينكجرية والسباهية والزعماء على بلاد الشوف، وجلس موضعه فتحي آغا الدفتردار، على ما قيل. وفيه في قرية سقبا، قتل رجل ولده، دعسه برجليه حتى قتله، لكونه أنزل بيوردياً، هو وأولاد مثله من على الحمار، وغضب الأحمق جنون. وستر القضية الفلاقنسي، ولم يشعر أحد من الحكام، وكان الفلاقنسي له تكلم على القرية. فتنة جركس بيك وفي يوم الخامس والعشرين، قتل جركس، من صناجق مصر، لكونه عصى دولة المصريين، وجيش جيوشاً عظيمةً عليهم، وقطع السابلة والميرة عن مصر، وبقيت الفتنة بينه وبينهم ثلاث شهور، وجردوا عليه مراراً، ولم يظفروا إلا هذه، فهرب منهم في البحر فمسكوه وجيء برأسه. وكان ضده الفقاري، من أعيان الصناجق فقتل بمصر بعده بخمسة أيام.
يوميات شامية
وكان له قتل وظلم وعدوان لا مزيد عليه، وإذا مر بالسوق يقتل من شاء بجرم وغير جرم. قتل رجلاً تاجراً خارجاً من باب داره، في الدين والأمانة على جانب عظيم. فلا رحم الله هذين الفرعونين، وأغرقهم الله ببحر الهلاك من غير انفكاك ولا تزيين، في العذاب الأليم الشديد إلى " يوم نقول لجهنَّم هل امتلأتِ وتقول هل من مزيد ". ذو الحجة، أوله الجمعة. رابعه يوم الاثنين طلعت الجردة وباشتها سليمان باشا أخو ابن العظم، وسليمان باشا هو كافل صيدا آن تاريخه. مقتل الشقي عبد الواحد وفي سادسه، يوم الأربعاء قتل عبد الواحد بن عبد الواحد من أهالي بر إلياس، وكان عاتياً جباراً عنيداً من أكبر معرضي بر إلياس، وقتل ناساً في رمضان تاريخه، وحرق بيادر للدولة ببر إلياس، وعاث وطغى، وذلك في عصر الأربعاء. وهو القوي الحميد. الشيخ إبراهيم اليزبكي في آخره يوم الأحد ثامن عشرين ذي الحجة، توفي الفاضل العالم الكامل الشاب السيد إبراهيم بن مولانا السيد محمد أفندي ابن الشيخ مراد اليزبكي المشهور، وكان قبل بنى ببنت الشيخ إسماعيل ابن الشيخ عبد الغني النابلسي المشهور، وتمرض بالدق وتوفي بالصالحية، وصلي عليه الظهر بالسلمية، ودفن بتربة ذي الكفل تحت العجمية، وشرقي الإيجية بسفح قاسيون. وكان الأحد العيد. وفي أيام التشريق وردت مكاتيب العلا والحج بخير لم يصبه ضير. محرم الحرام سنة 1143 محرم الحرام، سنة ثلاث وأربعين وماية وألف 17 - 3 - 1730م الحكومة وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والأعجمية، مولانا السلطان أحمد ابن السلطان محمد خان، عليه الرحمة والرضوان. والباشا إسماعيل باشا، ابن العظم، بالحج الشريف، وقاضي الشام باقي زاده الرومي، والمفتي حامد أفندي العمادي، والموالي والمدرسون على حالهم. الحج أولها الثلاثاء، أو الاثنين، في يوم السابع عشر المحرم ورد جوخدار الحج، وفي الخامس والعشرين الكتاب والأخبار. صفر، أوله الأربعاء، يوم الثلاثاء، ورد الحج، وفي يوم الأربعاء ورد المحمل والحج، ولله الحمد، وفيه عافية. فوائد ومواعظ وفيه وجدت في مجموع للسيد أحمد الشاغوري، فوايد حكمية مجموعة، فأحببت ذكرها في التاريخ لأجل الفايدة، وهي نحو سبعين قضية. أولها: أما بعد حمد مستحق الحمد، وكاشف البلاء عن العبد، فهذه وصايا صدرت من عارف كبير، بوقائع الأخبار بصير خبير، أصدرتها عن نية صحيحة، قاصداً بها النصيحة، فاقبلها مني، وخذها عني. الشيخ لا يخاشن، والعدو لا يحاسن، ومستحيل الود لا يقرب، والتركي لا يغضب، والمحبوب لا يضرب، والأحمق لا يعتب، والقاضي لا يعاند، والسلطان لا يرادد، والوالي لا يخاصم، والأب لا يحاكم، وصاحب الحق لا يشاتم، والشرير لا يكالم، والنحس لا يقدم، والجاير لا يحكم، والكريم لا يستغنم، والصديق لا يعدم، والصاحب لا يسلم، والغايب لا يسأم، والأمرد لا يشاكل، والمبتلى لا يواكل، والفاجر لا يجامل، والأنثى لا تفرد، والقريب لا يبعد، والزوجة لا تجلد، والحق لا يجحد، والكذاب لا يعاشر، والنمام لا يشاور، والهارب لا يستخبر، والجار لا يستنصر، والمكاس لا يسعف، واللئيم لا ينصف، والناسخ لا يسلف، والقبطي لا يؤمن، ولا يساكن ولا يركن. والخان لا يسكن ولا يدخل، والمجالس لا تنقل، والشاهد لا يشاقق، والأعزب لا يسكن، والكافر لا يواله، والمزاح لا يجرد من مقاله، وطالب الرزق من وجهه لا يلام، والعدو لا يغفل عنه ولا ينام، والصديق لا يداجى، والأبخر لا يناجى، والبكر لا يسلم عليها، والأمة لا يومى إليها، والشاعر لا يعادى، والبخيل لا يهادى، والنساء لا يسمح لهن بشرب المدام، ولا ينام بين القعود، ولا يقعد بين النيام، وما مضى من السر لا يعاد، والجمل الهائج لا يقف، والبليد لا يشغل بالعلوم، والملك لا يوادد، فوده لا يدوم، والمغفل لا يستشهد، والساكن لا يستنشد، والعبد لا يمازح، والجار لا يقابح، والرفيق لا يشاحح والرقيق لا يسامح، والعاشق لا يقامر، والفاسق لا يسامر، والسفيه لا يمارى، والثعلب لا يبارى، والمتكبر لا يدارى، والسيل لا يجارى.
يوميات شامية
والحقود لا يصافى، والجاهل لا يكالم، والأسد لا يصادم، والعربيد لا يقاوم، والخاين لا يوانس، والأهوج لا يزوج، والباطل لا يروج، والجزار في قطع اللحم لا يعتمد، والفاجر لا يركن إليه ويستند، ومن يحب التعظيم فلا يعتقد، والزنديق لا يرجى له توبه، والمتهون في الدين لا يغفر له حوبه، والقرض لا يسيب، والموصل لا يخيب، والمرأة لا يحسن بها الظن، وكل فن لا يوجد إلا في ذلك الفن، والتيلنوس لا يجالس، والمتساهل في الدين لا يشتغل عليه، والخير لا يؤجل، والشر لا يعجل، والقبيح لا يذكر، والجميل لا ينكر، والباغي لا ينصر، والصغير لا يحقر، والرسول لا يقتل، والهدية من كل أحد لا تقبل، والمنة لا تقلد، والمحب لا يتجلد، والدعاء لا يترك، وبالله لا يشرك، والأنبياء عليهم السلام لا يذكرون إلا بالتعظيم، وقولهم لا يتلقى إلا بالتسليم، والصحابة لا ينسب لهم قبيح، ولا يضعف قولهم إلا بنص صريح، ونقل صحيح، والخلق لا يعاملون إلا بالإحسان، وكما تدين تدان. هذه هدية قدمتها إليك، ووصية عرضتها عليك، فاقبل أخي نصيحتي إني بها فطن خبير، وإن تخالف ما أقول، فسوف تلقى ما يضير، وبه المستعان. ومن إملائه، من كتابه: حجاب للوسوسة فائدة للوحشة والوسوسة بسم الله الرحمن الرحيم. أعيذ حامل كتابي هذا، بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه وهمزات الشياطين وأن يحضرون. سبحان الملك القدوس، رب الملائكة والروح، جللت السموات والأرض بالعزة والجبروت. عز جارك وجل ثناؤك، ولا إله غيرك، آمنت بالله ورسله، " هو الأوَّل والآخِر والظاهر والباطن، وهو بكلّ شيءٍ عليم "، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وآخر للمعقود وفيه: يكتب للمعقود: الفاتحة، وسورة القدر، والم نشرح، يحملهم المعقود، فيحل بإذن الله تعالى. وثالث للحب وآخر، من كتابه: يكتب في ثلاث بيضات بعد شيها: في الأولى بسم الله الرحمن الرحيم، " والسَّماء بنيناها بأيدٍ وإنّا لموسعون "، والثانية: " والأرض فرشناها فنعمَ الماهدون "، وفي الثالثة: " ومِن كلّ شيءٍ خلقنا زوجين اثنين لعلَّكم تذكَّرون ". الأولى يأكلها الرجل، والثانية المرأة، والثالثة تقسم بشعرة من رأس، هذا ما كتبناه من كتابه. حادثة قتل وفيه ادعي على بعض كتاب الصالحية، وهو أنه كان طلع للناحية ومعه ترجمانه، ولخادم ترجمانه جقمقلية، فأخذ يفتلها ويلعب فيها، فطلع البارود وقتلت الترجمان، ثم حبس خادمه، وبعد حبسه ادعي على قاضي الناحية بأنه قتل أخاهم وصبى الترجمان، وكان صبي الترجمان أقر لدى الحاكم، فلما اشتكوا إخوة المقتول للباشا، نظروا في هذه الدعوى فقال: الدعوة الثانية بعد الإقرار لا تسمع في الآخر، حتى يأتوا بفتوى، وبعد لم نطلع على ما يقع. وفي يوم الخميس عاشر صفر، أحببت ذكر بعض تقاريض مشايخنا، وهو العلامة حقي أفندي الرومي، نزيل دمشق سنة 1131، على بعض رسايلنا حين عرضنا ذلك عليهم، فمن جملة ما قرض على رسايلي، رسالتي شرح الرسالة المسماة بالشمعة المضية في علم العربية وعملت لها شرحاً لطيفاً عرضته عليه، فاستجادها وكتب تقريضاً عليها صورته: نموذج الإجازات العلمية بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وسلام على من ليس لنحوه قصد لسمو مرقاه، وعلى من: أنهضه الغرام فانتحاه ... بصرف المجهود إلى أن تلقّاه
يوميات شامية
فهذا كتاب جليل في النحو، خطه بزبر، من هو أنحى من سيبويه، وأثر جميل في علم الإعراب، بناه بنان من قبض الفنون بكفيه، قد استغنى في تسنم عليا الفضل عن سمك سقف بنائه وتأسيسه، لما أن التاجر مجده في كيسه، والعالم في كراريسه، جعله الله موطياً العقب، تنقلب إليه حماليق الراجح الرزان في كل زمان، وأعلى سعده ما استقبل الفرقدان وطلع المرزبان، ولما رأيته ترخى دون جلالته السرداقات والستور، ويتواطا لهيبة شانه رؤوس أهل الصدور والسطور، خدمت لسلطان عزه بقبول ما أملاه من الوجازة، ووضحت على أمر أمره في نحوه، ونحو قلم الإجازة، وأنا الفقير سمي الذبيح، الشيخ حقي البرسوي، ثبته الله على السراط السوي، أخذت علم النحو ونحوه، وكذا علم الصرف ونحوه، حياً عن حي، وهو الشيخ السيد عثمان الفضلي الإلهي الاصطنبولي، مجدد رأس المائة الثانية، صاحب التصانيف الرائعة، عن الشيخ محمود الهدائي الأسكداري، ذي الآثار العافية، عن الشيخ محمد أفناده البرسوي المحدث النقاب، عن الشيخ الحاجبي بيرم الأنقراوي الفياض العباب، عن الشيخ حامد الأقسرائي، قطب وقته بلا ارتياب، قدس الله أسرارهم، وجعل مهبط الذكا أنوارهم. ووقع هذا في السدس الرابع من النصف الثاني، من العشر العاشر من العقد الثالث، من المائة الثانية من الألف الثاني، من هجرة من أنزل عليه السبع المثاني. انتهى تقريضه البديع، وروض تقريره المريع، وكان ممن جمع بين المعقول والمنقول، واشتمل على علوم الفروع والأصول. وله تفسير لا أدري هل أتمه أم لا، لأنه توفي في حدود الأربعين وماية وألف، ببلدته برصا، عفي عنه، آمين. السلطان والعجم وفيه سمع أن السلطان أحمد بن عثمان، شارع في الهجوم على بلاد العجم الشيعة، وأنه خرج من إسلام بول وأنه يقيم في حلب للسفر أول الربيع، والسلطان في بعض بلاد الروم، والله ينصر سلطان المسلمين، وأهالي السنة أجمعين. حديث نبوي وأفادنا من كتابه عنه عليه السلام أنه قال: ستة أشياء حسن، وهي في ستة أحسن: الورع حسن، ولكن من العلماء أحسن، والعدل حسن ولكن من الأمراء أحسن، والسخاء حسن ولكن من الأغنياء أحسن، والصبر حسن ولكن من الفقراء أحسن، والتوبة حسن ولكن من الشبان أحسن، والحياء حسن ولكن من النساء أحسن. فعالم لا ورع له كشجر لا ثمر له، وأمير لا عدل له كأرض لا نبات بها، وغني لا سخاء له كنهر لا ماء فيه، وفقير لا صبر له، كسحاب لا مطر له، وشاب لا توبة له كسراج لا ضوء له، وامرأة لا حياء لها كطعام لا ملح فيه. انتهى. حور تعلا وفي يوم رابع الشهر صفر، كنا ببستان يسمى حور تعلا، وهو بستان نزيه، غرس الماجد بيده النصب، يد مصطفى جلبي الكاتب الشهير بابن خليفة. ربيع الأول، أوله الجمعة على رؤية الهلال، يوم السبت ثانيه، خرج بقية الحجاج والسقا باشية وأمين الصر ونحو ذلك، وسافر جماعة من تجار دمشق إلى إسلام بول للتجارة، وإلى الآن بدمشق سليمان باشا، أخو الباشا، وابن إسماعيل باشا أسعد، باشة حماة، وهو باشة صيدا الآن. سفر القاضي وفيه سافر حلمي أفندي المنفصل عن مكة، كان نزل في دار حامد أفندي المفتي العمادي بدمشق، وقال فيه صاحبنا الأمجد السيد إبراهيم بن الحكيم الصالحي: لشمس الفضل في فلك المعالي ... ومن ملك العلوم بفرط حلم حريٌّ أنني أفديه روحي ... وأبذل في ثناه رقيق نظمي لقد سادت دمشق به وتاهت ... وهل أحدٌ يسود بغير علم؟ ربيع الثاني، وأوله الأحد، وقيل الجمعة، فيكون ناقصاً. قبر شاب منغص وفي يوم الأربعاء، أخبرني صاحبنا الأعز السيد إبراهيم بن الحكيم الصالحي، أنه فيه، قبل طلوع الشمس، خرج للجبانة للزيارة، فرأى قبراً محجراً مكلفاً مكتوباً عليه آية الكرسي، وفيه يقول: هذا مدفن الشاب المنغص الأمير ناصر الدين بن الأمير شرف الدين بن الأمير يحيى الناصري، وتحت الرقم بيتان على الحجر المذكور: قد كان صاحب هذا القبر لؤلؤةً ... فريدةً صاغها الرحمن من هيف عزّت، فلم تعرف الأيّام قيمتها ... أعادها غيرةً منه إلى الصّدف خلع السلطان أحمد
يوميات شامية
وفي يوم الثلاثاء، العاشر من ربيع الثاني، قبل الظهر، ضربت المدافع بقلعة دمشق، وشاع الخبر بأن السلطان أحمد بن السلطان محمد العثماني تغير، ووقف مكانه محمود شاه، أيده الله تعالى بإمداده. ومدة السلطان أحمد بن محمد من سنة خمسة عشر بعد الألف وماية إلى موضع تاريخه الآن، ثمانية وعشرون سنة، وشاع بأن الوزير قتل، وهكذا المسوع به، والله أعلم. مصرع أزعر وفي يوم الجمعة خامس ربيع الثاني، قتل شيخ حارة المحلة الشرقية الكاينة بالصالحية، ويسمى ابن فطم. جيء به لنايب الصالحية محمد أفندي، وطلبوا سجلاته، فأخرجوها وقروها، وادعى عليه أكثر أهل الصالحية من جهة أمور لا تحصى من الفسق والفجور والفساد والعوان والسكر والاجتماع على شيء كثير مما لا يرضى، وفي غاية من الضرر في تلك المحلات والبلص وغير ذلك من القبائح، فأثبت عليه الحاكم الشرعي، وقتلوه في دهليز المحكمة، وشهدوا بأنه حجر أسود في طريق المسلمين، فأُثبت عليه ثم، وقتل كما ذكرنا. ثورة القبي قول لأجله ثم وصل الخبر بذلك لقبول القلعة، وكان مكتوباً معهم. فهرع جماعة منهم ومقدمهم الآبا، بمد الهمزة، من زعر المزابل، يتعيش في العمارة، وكان أيضاً انكتب قبولاً، وطلعوا الصالحية من ناحية الدحداح نحو مايتين بالعدد الكاملة فوصلوا الجركسية وضربوا بيت الشيخ عبد الغني بالرصاص وشتموه وهزوا بجامعته، ثم وصلوا الجركسية فخربوا دكاكينه الأربعا، شرقي القهوة مقابل المحكمة، وكسروا القطارميز، وكبوا الزيوت والسمن والدبس والعسل والخل، وأخذوا نحاس الحوانيت، وحملوا حلة الطباخ الذي هناك، وأكلوا ما فيها جميعاً، وأخذوا خبز الخباز، وأخذوا دكان عطار ورموه بالمعظمية، ورموا عليه عطاراته في الطريق، وأخذوا غلال الحوانيت المنهوبة، وأخذوا لحم اللحامة على ظهورهم. قتلهم ابن المغسل ثم ذهبوا نواحي العقيبة لقتل السيد محمد المغسل، وكان شجاعاً مقداماً، وكان من جملة من ادعى على ابن فطم وغيره ما لا يحصى، فاخذوه على حين غفلة من القهوة التي في السكة شمالي العقيبة، وقتلوه بالبارود والجروخ حتى قتل، وأخذوا ابن فطم إلى عندهم لباب القلعة وغسلوه ثم دفنوه بالدحداح. ضربهم الأشراف ونزلوا السيد إلى الجامع الأموي فقامت الأشراف قوم واشتكوا للنقيب فقال: عزلت نفسي، ولم يسمع فيه دعوىً خوفاً. ثم ذهبوا إلى القاضي فلم يعط جواباً شافياً، فلحقهم القبول إلى عند القاضي وضربوا الأشراف بالرصاص والبارود، وقتلوا وجرحوا وكسر العلم الذي حملته الأشراف، ولا حول ولا قوة إلا بالله. موقف الشيخ عبد الغني وإن الشيخ عبد الغني أفندي مراده الروم ليخبر عن أحوال البلد، وما فيها من امتهان الشرع وقلة الاكتراس، والله يعينه للخير برحمته، آمين. بيع ممتلكات الباشا شعبان. أوله الخميس. فيه أبيع خيله وثقله، وختموا الجنينة التي نحو السادات، وأخذوا ما فيها من القسراويات والمخاد واللحف والفرش والنحاس المخصوص لها، والصواني والصيني، ما يبلغ عشرين كيساً أو ثلاثين كيساً. وكان شحيحاً لا يقيل، بل يأخذ المال ولو خالف الشرع الشريف، وله عليه هلع زائد، ويحبس الحبس المديد عليه، وإن قلت المادة. ولا يسمح بشيء، وكان يموت بحبسه الناس ولا يعفو. وكان يمتهن الحكام والحجج، ولا يقتل قتلاً شرعياً إلا بدارهم تعطى، وإلا، لا يغار على الشرع أصلاً، مع سكونه وعدم فجوره، وكان حليماً ولكن لا يعفو عن درهم. قرب السلطان نار والحاصل أن الشح لا يأتي بخير، والظلم لا يدوم، والبغي مصرع مبتغيه وخيم، والذل لغير الله ذل، وقرب السلطان نار. فكم من أجلاء وعلماء راحوا بأرجل السلاطين، وابتلوا ببلايهم من القتل والحبس والسلب، حتى لم يبقوا لهم شيئاً، لا قليلاً ولا كثيراً. وفي زمن الخلفاء، إذا عزلوا السلطان لا يكتفون بالحبس، بل يسملون عينيه، ويلبسونه أثواب الرعية، كالأرثاث والخام الثخين، ويخرج يتكفف الناس، وعند بني عثمان أحسن بكثير، وهو الحبس والترسيم مع التوسعة والنفقة إلى أن يموت، أو يسم. الشيخ أحمد الغزي
يوميات شامية
يوم الجمعة ثاني شعبان المبارك، صلي حاضرةً على مولانا العلامة الشيخ أحمد الغزي، المفتي الشافعي بدمشق، مدرس الشامية البرانية وغيرها، وصلي عليه العصر، ولم يتخلف أحد عن جنازته، ودفن عند الشيخ رسلان، عند أهله ووالده، وتولى الإفتاء بعده الشيخ مصطفى ولده. صادق الخراط وفي يوم الاثنين خامس الشهر، توفي مولانا صادق أفندي بن محمد أفندي بن الخراط الحنفي، وكان ماهراً فاضلاً في الأحكام والفقه. درس بالعمرية مدةً قليلة، وله معرفة بأمور الحجج ومصالح الناس، تولى نيابة الباب مراراً، وصلي عليه بالأموي، ودفن بالباب الصغير. وفيه دخول الخلوة المرداية لبني أيوب عند سوق الغنم والسويقة. يوم الاثنين ثالث عشر الشهر كانت الخلوة البردبكية بدمشق بجامع الأباريين. القاضي، محمد نوفرة يوم الأربعاء فيها، خامس عشر الشهر، توفي القاضي محمد بن حسن أفندي الشهير بنوفرة، كان مترفهاً متمتعاً بخدمات أصحابه وخيراتهم، ولا يخلو من ثروة، وصلي عليه الظهر بالتوبة ودفن بالدحداح. الشيخ عبد الغني النابلسي وفي خامس عشرين شعبان، يوم الأحد قبل الظهر، توفي إلى رحمة الله، الإمام العلامة العارف ذو المؤلفات الكثيرة، والرقاق الشهيرة، والشعر الرائق الغزير، والإنشاء البديع النضير، والخطب الرايقة والمحاسن الفايقة، الشيخ عبد الغني النابلسي، عفي عنه، آمين، وذلك بداره الجديدة بالسهم الأعلى لصيق حمام الكاس، شرقي العمرية ومدرسة الزاهرية وشمال البدرية وغربي الصاحبة، وغسل ثاني يوم وفاته الثلاثاء، يوم ختم درسه قبله، وصلي عليه قبل الظهر، ودفن في قبته التي أنشأها في داره للكتب. ولم يكن له مثيل في حل كلام الشيخ ابن عربي. وألف كتباً لا تحصى، ودرس قديماً بالجامع قرب داره، وأخيراً أُعطي تدريس السليمية. وله اعتقاد تام بابن عربي، وله دواوين في الشعر والأدب وفي التصوف، عفي عنه، آمين. محرم الحرام سنة 1144 6 - 7 - 1731م وفي يوم السبت تاسع محرم، دعانا الأخ إسماعيل آغا الناشفي إلى بستان عين الكرش، وكان تاسوعا. شعر في مراحل الحياة وأملاني بعضهم في تنويع العمر الطبيعي من كتابه، يعني إلى الماية، إذ كل عشر سنين تسمى في اللغة باسم، وهو قوله: ابن عشرٍ من السنين غلام ... رفعت عن نظيره الأقلام وابن عشرين: الصّبا والتّصابي ... ليس يثنيه عن هواه ملام وإذا عاش بعد ذلك عشراً ... فكمالٌ وقوّةٌ والتّمام وابن خمسين مرّ عند حياةٍ ... فيراها كأنّها أحلام وابن ستّين صيّرته الليالي ... هدفاً للمنون فهي سهام وابن سبعين عمره قد كفاه ... لا يبالي متى يكون الحمام وإذا عاش بعد ذلك عشراً ... بلغ الغاية التي لا ترام وابن تسعين لا تسلني عنه ... فابن تسعين ما عليه كلام وإذا عاش بعد ذلك عشراً ... فهو حيٌّ كميّتٍ، والسّلام إبراهيم الخالجي وفي يوم الأحد عاشر محرم الحرام، يوم عاشورا، صلي على إبراهيم آغا الخالجي من متقاعدي دمشق، كان كاتباً ساكناً حليماً، دمث الأخلاق، متودداً للناس. تولى الأموي، وصاهر بابنته يحيى شريف مكة ابن بركات، وتمرض مدةً مديدةً، وانقطع في داره قبلي قلعة دمشق والقزمازية، وغربي الأحمدية نحو القبلة، وشرقي سيدي عامود. درس السعسعاني يوم الثلاثاء، سادس عشرين محرم، حضرنا درس صاحبنا الأمجد سعيد أفندي السعسعاني بمدرسته القزمازية، شرقي سوق الأروام، وبعده ذهبنا إلى حديقة صاحبنا علي، ابن الحاج أحمد باشة الأنطاكي بالحارة الجديدة، وأقمنا بها ذلك اليوم إلى الاصفرار. وفي يوم الأربعاء، سابع عشرين محرم، ورد الكتاب والجوخدار، وأخبروا عن الحج وأنه بخير، وقال بعضهم في مكتوبه، أيامه عيد، ولياليه قدر. الحج بخير صفر، أوله السبت، ثانيه يوم الأحد ورد الوفد الشامي، وهو في غاية من الصحة والعافية، وأخبر عن شريف مكة، الأمير عبد الله، توفي إلى رحمة الله، قبل دخول الحج بيومين لمكة.
يوميات شامية
وفي يوم ذلك اجتمعت ببعض الأكابر وعنده عبد يسمى عنبر، له مودة استقبال لمن يرد على سيده. مصطفى مكتبجي يوم السبت أول الشهر، توفي مصطفى أفندي مكتبجي زاده قاضي الشام، وصلي عليه بالأموي، ودفن عند بلال. يوم الاثنين ثالث صفر ورد المحمل والباشا، وورد من علماء مكة الشيخ عقيلة الصوفي، ومعه اثنان من جماعته، ومراده يزور القدس، وقيل مراده بغداد، وقيل مراده الروم، والله أعلم بالمراد. مبرات الباشا وفي يوم ذلك، طلع الباشا إلى الصالحية بعد أن دخل السرايا، ومكث نحو خمس درج، وزار قبر المحيوي ابن عربي، وأسدل ثوباً عظيماً مقصباً من ستاير البيت، لعله وجد في تركة شريف مكة عبد الله. ثم رجع من توه إلى دمشق، وفرق على التكية السلطانية دراهم نثرت، والله يصلح الراعي والرعية. حجاب له منافع: وفي تاريخه، وجدت في بعض المجاميع ذات الخواص ما يأتي صورته وعدده: من أسماء الله تعالى في أوقات مخصوصة لمن له حاجة لذلك، وصدقت نيته، وقبل الباري عمله وذلك في أسماء الله محل رجاء الحاجات، والله أعلم بالنيات، وكتبتها في التاريخ حفظاً لها من الشتات: لجلب القلوب، بعد الظهر: يا رؤوف، يا ودود، يا الله، العدد 400. للعز والرفعة، بعد المغرب: يا رحمن، يا رزاق، يا الله، العدد 715. لرد البلاء، بعد الفجر: يا رافع، يا مانع، يا الله، العدد 415. لزيادة المال، بعد العصر: يا باسط، يا معز، يا الله، العدد 288. وللبرودة والسخونة وفيه للبرودة والسخونة: طاس ماء " الآن خفف الله عنكم " " إنا أعطيناك الكوثر " " يريدُ الله أن يخفف عنكم " " فصل لربك وانحر " " ذلك تخفيفٌ من ربكم ورحمة " " إنّ شانئك هو الأبتر "، يعافا، والله أعلم. لغز فقهي وفي يوم الثلاثاء، رابع صفر، ألغزت في مسئلة في الفقه على مذهب النعمان: وما حكم الذّبيحة إذ يسمّي ... تحلّ له بإجماع الأنسام وفي حكمٍ يسمّي ليس يجزي ... وهذا الحكم يعزى للإمام الجواب: إنه سمى مريداً للكلام، أي لم يقصد التسمية على الذبيحة، والله أعلم. وفي يوم السبت، ثامن عشرين صفر، كنا ببستان الآسية شرقي الميطور وغربي القابون، آخره من الشرق الطريق السلطاني. البستان الكبير ربيع الأول، أوله الاثنين. يوم الخميس رابعه، دعانا من الأصحاب السيد عبد الرحمن، من نواحي الشاغور إلى البستان المسمى بالكبير، غربي الخلخال، قبلي الميدان الأخضر، ودعا بعض أفاضل وأصحاب. كان الله له، آمين. يوم السبت، كنا ببستان العيش، قرب الربوة، وأقمنا الأحد، فالإقامة يومان، وهذا البستان يسمى كيوان، من آغوات دمشق، بستان واسع الأرجاء. جمادى الأولى وأوله الخميس، فيه دخل قاضي الشام مصطفى أفندي ترخني زاده، وذلك عند عشية النهار. وفيه دخل سليمان باشا ابن العظم، كافل ترابلس. نفي إسماعيل باشا العظم وفيه خرج أخوه من القلعة إلى داره التي أنشأها غربي الجوزية، ووجه إلى قلعة بالبحر، وخرج من غير موكب، وسافر معه كيخيته حسن باشا، والقلعة أقصى بلاد الروم. باشة مصر يوم الاثنين خامس الشهر، دخل باشة مصر ومعه علماء دمشق الموالي، واسمه محمد باشا، وعزل عبد الله باشا الكبرلي وتوجه في البحر إلى الروم. جمادى الثانية، أوله الأحد. يوم الخميس ثامن عشرينه، كنا بالصوابية الكاينة بالصالحية، نسبةً للأمير صواب الطواشي. وهو مكان نزيه مطل غربي الصالحية وشمال ابن قوام قدس سره. حمام ابن عليمة وفي يوم ذلك، رأينا شرقي الأفرم، انكشف التل عن حمام، ورأينا بعض الجران والأنابيب من فوقها، والباقي تحت بقية التل. وكنا نسمع ذلك فكان يستعبد. ولعله وقف على المسجد لصيقه من شرق، ولعله قبل الجامع بكثير ومتهدم زمان عمارة الجامع لقدم المسجد والحمام. ولم يذكره ابن طولون في تاريخ الصالحية من جملة حماميمها التي ذكرها، لأنه في عهده كان مردوماً. فإن الحمام لعله في عصر الثلاثماية، والجامع في الثمان. وابن طولون في آخر الثمانماية وأوايل التسعماية. الخلوات رجب، أوله الأحد، كنا بخلوة بني أيوب، والسيد يوسف أفندي ودعا الكل إلى عزيمة. شعبان، أوله الثلاثاء، سادس الشهر أول الخلوة البردبكية، وحضر أكابر وأعيان، والفراغ يوم الخميس حادي عشر.
يوميات شامية
رمضان، أوله الأربعاء، وكان الشك الثلاثاء. وفيه أنشدت لبعض الأصحاب قصيدة زهرية. وفي أواسطه دخل أمين الصر وغيره من كبير الحج، وبقية الحاج الرومي. شوال، أوله الجمعة، يوم الأربعاء، نصف شوال، طلع المحمل، ومعه كافل دمشق عبد الله باشا الأيضنلي. تجديد ثوب المحمل وهذه السنة جدد ثوب المحمل، وظهر في غاية الجودة، والصنجق بعد باقي بلا تجديد، ونسأله إلهام الصواب، ومطابقة الحق بلا حجاب. يوم الاثنين تاسع عشر الشهر طلع الحج الشريف والحلبي، وكان دخل الأحد. مصطفى بن سوار وفي سابع عشر الشهر، توفي الشيخ مصطفى ابن سوار شيخ المحيا، الشافعي، وصلي عليه بجامع البزوري، ودفن بتربة الدقاقين، في محلة قبر عاتكة، وجلس مكانه ولده السيد وهبه. وكان المرحوم له فضل وحسن عشرة مع الناس ومع إخوانه، وكان عليه تدريس مدرسة الخياطين التي أنشأها إسماعيل باشا ابن العظم، رحمته عليهما، آمين. وكان المطر غزيراً ذلك اليوم، بعد حر كثير، وكان له أيام لم ينزل. محمد الأكرمي ذو القعدة، أوله السبت، ثانيه الأحد توفي بالصالحية الشاب الشيخ محمد بن الشيخ محمد الأكرمي الحنفي، من خدام الشيخ ابن عربي، وكان له خط حسن، وطلب العلم مدةً، وصلي عليه بالسليمية، ودفن بسفح قاسيون، عفي عنه. محمد بن العكر وفي يوم الاثنين ثالث الشهر توفي بالصالحية الشيخ محمد درويش ابن القاضي عبد الوهاب بن العلامة الشيخ أبي الفلاح عبد الحي ابن عماد، الشهير بابن العكر الصالحي. تولى كتابه الصكوك بمحكمة الصالحية، وصلي عليه بجامع السليمية، ودفن بسفح قاسيون غربي الروضة. بستان الزيبق سادس شهر القعدة، الخميس كنا ببستان الزيبق مع صاحبنا الأعز إسماعيل آغا، ونظمت في البستان أبيات من بحر الكامل، وفيه الإضمار والترفيل، وفي بعضها القطع، وذلك من العلل العروضية الجائزة المقررة في فنه. يوم الأربعاء، كنا خامس الشهر ببستان القصر مع الأخ إسماعيل آغا الناشفي، ورجعنا غروب الشمس لداره عند الأحمدية والقزمازية. دخول سليمان باشا العظم يوم السبت، خامس عشر من الشهر، ورد سليمان باشا ابن العظم، ودخل من على برج الروس، ونزل الميدان الأخضر، ثم ذهب لدار أخيه، وهو إسماعيل باشة، لزيارة أولاد أخيه إسماعيل باشا، غربي المدرسة الجوزية. آخر ذي القعدة، يوم الجمعة توفي الشاب الخالي العذار أحمد آغا بن محمد آغا بن الناشف بالطاعون، وصلي عليه بالسنانية، ودفن بتربتهم قبلي جامع حسان من غرب. سعيد السعسعاني ثالث عشرين القعدة. توفي سعيد أفندي مدرس القزمازية بدمشق، غربي الأحمدية، وقبلي قلعة دمشق. كان منشئاً لسناً خطاطاً، يعرف العربية والتركية والفارسية، وله في كل هذه الألسنة إنشاء وشعر، وذلك بالطاعون، وصلي عليه بالجامع ودفن بالباب الصغير. يوم الخميس سابع عشرين، فيه سافر سليمان باشا ابن العظم لتلقي الحج الشريف، وكان دخل في الخامس عشر منه. ذو الحجة، أوله الثلاثاء. علي العراقي ثالثه الخميس توفي الشيخ الصالح علي العراقي المعتقد، بالمرض العام. وفيه خف الطاعون عما كان، وكان بدأ في أول العشر الثاني من شوال، وبقي إلى آخر الحجة، نسأله الرحمة واللطف بعباده إنه على كل شيء قدير. ولد المؤلف عيسى وفيه في يوم الاثنين سابع عشر الحجة توفي إلى رحمة الله، ولدنا عيسى المتعبد الحافظ لكلام الله عن ظهر قلبه، وصلي عليه بالسليمية قرب العصر، ودفن بالروضة بسفح قاسيون. إسماعيل الناشف يوم الجمعة، فيه أول تشويش إسماعيل آغا المذكور سابقاً، ويوم الخميس توفي إلى رحمة الله، وذلك سنة 1144، وصلي عليه مقابل نبي الله يحيى قرب الظهر، ودفن بتربتهم قبلي حسان. سنة 1145 24 - 6 - 1732م الحكومة محرم الحرام، وسلطان الممالك الرومية وأكثر العربية وبعض العجمية السلطان محمود شاه، وقاضي الشام طرخني زاده الرومي، والمفتي حامد أفندي، وكافل دمشق عبد الله باشا الأيضنلي، والمدرسون والناس على حالهم، وقد خف الطاعون عما كان، وذهب فيه خلق لا يحصى. صفر، أوله السبت، دخل الحج الشريف، ولم يحصل على الحج بأس، لا من العرب ولا من غيرهم ولا من الطاعون الذي كان بدمشق. يوم الأحد، دخل المحمل.
يوميات شامية
في آخر الشهر كنا ببستان الباسطي، وبتنا ليلتين، ولم أُنشد فيه بشيء. ربيع الأول، كنا عند صاحبنا السيد محمد ابن شعبان الصالحي، الحافظ لكلام الله، والآخذ عنا الطريقة، ببستان العيش قرب الربوة. وقلت فيه بأبيات. محمد الحبال وفيه يوم الأربعاء، تاسع عشر ربيع الأول، توفي الشيخ محمد الحبال. كان ألمعياً في الفنون النقلية، قرأ على مشايخنا: ملا عبد الرحيم الكابلي الهندي، وشيخنا إبراهيم القفال، وشيخنا عبد القادر ابن عبد الهادي، وحضر يحيى الساوي حين قدم دمشق، وقرأ العروض علي الموصلي، وقرأ على المحقق القطان، ودأب في التحصيل، وصلي عليه في الجامع ودفن بالباب الصغير، قرب أُويس، قدس سره. ربيع الثاني جمادى الأولى، أوله الثلاثاء. أمليت في تاريخه في مجلس مع بعض أصحاب وطلبوا ذكرها، وكنت أرسلت مذكراً له في علوفة تدريسي بمدرستي، وكان متولياً، وكان يعوق في وفائها، وكان أول جلوسه للفتوى ممتدحاً ومعرضاً، وهو مولانا حامد أفندي بن علي أفندي العمادي، طيب الله ثراه. يوم الخميس ثالث جمادى الأولى، دخل قاضي الشام الجديد، وزار الباشا، وخلع عليه قبا سمور. حسين فروخ يوم السبت تاسع عشر جمادى الأولى، توفي حسين آغا ابن فروخ الرومي الأصل، وصلي عليه بالسليمية بالصالحية، ودفن بالسفح، تحت الكهف. جمادى الثانية، أولها الأربعاء. صادق الناشفي يوم الثلاثاء، ثاني عشرين جمادى الثانية، توفي صادق آغا ابن أحمد آغا ابن محمد باشا الناشفي، وصلي عليه الظهر بالجامع، ودفن بتربة جده محمد باشا، بالتربة المنسوبة لحسن أفندي، عم أبي محمد باشا الناشفي، قبلي جامع حسان. أخذ الطريقة عن عيسى الخلوتي بدمشق، واجتهد في العبادة، لا يقطع التهجد بالليل، ملازماً الأوراد التي تلقنها من شيخه، ويصوم الخميس والاثنين غالباً، وكان من أكمل زمانه، تام المهابة والهيبة والهيئة والوجاهة، وسافر للروم في غزوة البيتش سنة ثلاث وماية وألف، زمن الكرجي الذي انتقم من آغاوات دمشق، وتقدم ذكرهم في أول التاريخ. وكان له حلم وتؤدة في الكلام والأدب، ولا يكثر الترداد إلى الحكام، وحج مرات سرداراً بالتخت، في أعصار تسع وتسعين، وخمس وتسعين. رجب، أوله الجمعة، أو الخميس، ورد حج كثير من الروم لدمشق. وفيه ذهب الوزير إلى الدورة على البلاد التي في حكمه، والله لطيف بالعباد. تدريس المقدمية وفيه نظمت بأبيات لمتولي مدرستي، حامد أفندي العمادي المفتي، من جهة تكلمه وتكلم متولي مدرسة المقدمية، لمباشرة المقدمية في التدريس، نيابةً عن أربعة مدرسيها، تذكيراً له، وهم سعيد أفندي الأسطواني، وعبد الرحمن أفندي الأسطواني، وبني الأكرم، وإبراهيم أفندي الأسطواني، وأن أُباشر عنهم في التدريس، وجعلوا من العلوفة ومدخولها شيئاً، مذكراً له فيما وقع الربط به، وذلك حين مطالبتي له في علايف مدرستي الخديجية. وكان نازلاً بدار حسن جلبي بالجسر الأبيض، زمن الربيع والورد. وهي عامرة الأركان، مطلة على دمشق وضواحيها، كأن صحن كلسها فرغ منه الآن، فهي إلى الآن عامرة الأركان، مطلة بشبابيكها الحديد على رياض دمشق وقصورها التي فاقت عرايسها في أجورات مهورها، وبها سكن النواب، دامت مفتوحة بها مصاريع الباب. شعبان، أوله السبت، ثالثه، يوم الاثنين أول الخلوة البردبكية بدمشق، وحضر أعيان كالسيد محمد أفندي بن الشيخ مراد، وأحمد أفندي المحاسني الخطيب، وعبد الرحمن أفندي المهيني، ومحمد أفندي الكنجي، والشيخ محمد بن سوار، تقبل الله من الجميع، بمنه آمين. زوجة عمر الناشفي يوم السبت، تاسع عشرين شعبان، توفيت زوجة أخينا عمر آغا الناشفي، وهي ابنة صالح آغا الكيخية، والدفن بالباب الصغير. رمضان، أوله الأحد، فيه ورد بقية الحج الرومي. رمضان، فيه ليلة الأحد، ثبت أول شوال، ونسأله موافقة الصواب. يوم الاثنين، وذلك يوم ستة عشر، من أول اليوم، طلع المحمل والوزير معه. وهو عبد الله باشا الأيضنلي، كافل دمشق، وتقدم ذكره. يوم الخميس، التاسع أو الثامن عشر طلع الحج الشريف، وكان دخل الحلبي عصرية يوم المحمل. عسكر مصر
يوميات شامية
في آخر الشهر طلعت الخزنة، وبلغ أن عسكر مصر المعين للعجم مر على الشام، وهم ستة آلاف، نزل البحر ثلاثة آلاف، والبر مثلها، ونسأله إصلاح الشان، والنصرة على هؤلاء الأعجام اللعان. وفي تاريخ الشهر، كنا مع جملة أصحاب من مجلس فيه كل خدن نبيه في موضع نزيه، وذلك في ليلة الأحد، اثنا عشر الشهر. قهوة خبيني ذو القعدة، أوله الاثنين أو الثلاثاء، كنا في بستان في الشرف مطل على المرجة، غربي المولوية، وهو جنينة وقهوة يقال لها قهوة خبيني، ودخلناه في بكرة النهار، وهو كثير الأزهار، مترقرق الجداول والأنهار، أشرقت على صفا جوهر أنهاره شمس الشروق، كسطوع النور بلوامع البروق، مع فئة من الأصحاب، ممن شملهم بسط الوجه وبدا عليهم ما هو كنشو الشراب. دخول والي صيدا وفي يوم الثلاثاء، سادس عشر الشهر، دخل محصل حلب، كافل ترابلس من على اللوان، ونزل بمخيمه بالميدان الأخضر، وضرب له كم مدفع. وفي السبت تاسع عشر القعدة، دخل إبراهيم باشا الكردي، كافل صيدا حالاً، وكافل ديار بكر سابقاً، وغيرها من المناصب، ونزل بصدر الباز بالميدان الأخضر في مخيمه، والمحصل عند التكية، والله يحسن الأحوال بمنه، آمين. وفي الثلاثاء، ثالث عشرين القعدة، أرسلت لولدنا الشيخ إبراهيم أفندي مكتوباً، نثراً ونظماً، فنذكر بعض المكتوب الأول، لأن بقية المكتوب سلامات لبعض أصحابنا الحجاج. بل نذكر خطبة المكتوب، وأما بعد وما يليها من تناظم المكتوب. وفي آخر الشهر، وصل أوائل العسكر المصري المعين للعجم، ولاقا لهم بعض قول الشام. وفي يوم الاثنين ثاني عشرين القعدة، سافر لملاقات الحج محصل حلب واسمه عثمان باشا من على اللوان. وسافر إبراهيم باشا في ثمان وعشرين الشهر، والله ييسر كل خير آمين. ذو الحجة، أوله الخميس أو الجمعة، وعلى الأول فالوقفة الجمعة، وكانت في دمشق السبت إذ لم يثبت الهلال يوم الخميس، ونودي على ذلك مراراً، بل كان ذلك على حساب الشهر الذي قبله. نزهة في سقبا وفي يوم الجمعة ليلة السبت ذهبنا في سابع عشر الشهر إلى سقبا، إلى عند صاحبنا يوسف السقباني، ومكثنا ثلاث ليال ويومين، وزرنا عبد الله ابن سلام الصحابي رضي الله عنه. وكان يوسف قد أخذ عنا الطريقة وصحبنا، وكان له محبة أكيدة وهو إلى الآن، ونزلنا يوم الاثنين بكرة النهار. صدري زاده وفي يوم الأربعاء رابع عشر من ذي الحجة، توفي قاضي الشام إبراهيم أفندي صدري زاده، وصلي عليه العصر بالجامع ودفن عند بلال. يوم الخميس، خامس عشر من الحجة، كان درس الفقه بدارنا بمحلة الأمير المقدم بالصالحية، في الوكالة، ولم أذهب للمدرسة للمشقة. بستان الدينارة يوم السبت رابع عشرين ذي الحجة، كنا ببستان الدينارة ومكثنا يوماً وليلة، وفيه من الحموي شيء كثير، وفيه فرقة من نهر داعية أو عقربا. ومنه الزلفى وحسن المآب. سنة 1146 سنة ست وأربعين وماية وألف 13 - 6 - 1733م الحكومة محرم الحرام، وسلطان مملكة الروم وبعض العرب والعجم السلطان محمود بن السلطان مصطفى خان، وباشة الشام عبد الله باشا، وقاضي الشام صدري زادة المتوفى قبل تاريخه، والمفتي حامد أفندي ابن العمادي. أوله السبت كنا ببستان الباشا. حفلة زفاف ثالثه الاثنين، دعينا لعقد صاحبنا السيد بكري ابن صالح جربجي القلعجي، من دولة قلعة دمشق، وذلك على بنت السيد إبراهيم بيك ابن السوقية. يوم الخميس السادس من الشهر، كان درس الفقه بدارنا بحكر الأمير المقدم بالصالحية. يوم الأحد، كان زواج السيد حسين بن بلبان الصالحي ببنت القاضي عبد الرحمن ابن المعاريكي. بستان الباشا يوم الثالث عشر فيه، يوم السبت، كنا ببستان الباشا بحكر العارض في الطريق، شمالي باب جامع السادات، ومعنا العالم الأمجد الشيخ حسن المغربل النحوي الفقيه الشافعي، والشيخ عبد الرحمن بن الشيخ محمد التركماني ثم الشاغوري، وتذاكرنا في علوم عديدة في الإعراب والموسيقى والعروض، ونظمنا لأشياء، ونسأله الإحسان. بستان الدينارة وفي يوم السبت، واحد وعشرين محرم الحرام، كنا ببستان الدينارة أيضاً بالغوطة مع جماعة من الأخلاء والأصحاب، ومكثنا يومين السبت والأحد ونزلنا يوم الاثنين، النهار. يوم الأحد، يوم الثلاثين من محرم ورد الكتاب.
يوميات شامية
صفر، أوله الاثنين وفي يوم ذلك، وجدت ورقة مكتوبة ملقاةً في طريق المارة، فيها أبيات تفيد قارئها تربيةً وألفاظاً، فذكرتها لتستفاد: فالأول لمنجك رحمه الله تعالى: حكم ومواعظ من تصطفيه إذا أتاك مخاطباً ... منك الجوارح كلّها تتنعّم وإذا تكلّم من كرهت كأنّما ... مرآة قلبك بالحجارة ترجم ولغيره: كلّ الأمور تمرّ عليك وتنقضي ... إلاّ الثناء، فإنّه لك باقي واعلم بأنّ المكرمات عرايسٌ ... ومهورهنّ مكارم الأخلاق وبعده تخميس بيتين: يا من عزم أن توافينا مودّته ... قف واستمع قول من فاقت نصيحته دع عشرة الضدّ لا تنفعك صحبته ... الشّمع يبكي، فما تدري أعبرته من صحبة النّار ... أو من فرقة العسل سل عن كريم السّجايا ذاك آنسه ... والزم له وطريق الرشد مارسه وافهم لشعرٍ لنا جادت نفايسه ... من لم تجانسه احذر تجالسه فآفة الشّمع ... كانت صحبة القتل دخول الحج يوم الجمعة، خامس صفر، دخل أوائل الحج الشريف، قريب الصلاة إلى المساء. وشكروا هذه السنة من الرخاء والأمن والحمد لله وحده إلا من جهة العطش، من هدية إلى تبوك. سابعه الأحد، دخل المحمل، والحج السبت. يوم السبت الثالث عشر، خرج حج كثير من الأروام، ومن سائر البلاد، وبقي خلق كثير. وكانت الوقفة يوم السبت، وكذا بدمشق، والإقامة بمكة عشرة أيام لا غير، ولله الحمد. في آخر صفر، وردت بشارة في نصرة الخنكار على العجم الليام. يوم السبت، ثالث عشرين صفر، كنا في بستان المساطبي، ومعنا بعض أصحاب. المؤلف والمفتي ربيع الأول، أوله الأربعاء، راسلت مولانا حامد أفندي المفتي ابن العمادي في أن يوكلني المقدمية في مباشرة الدرس، نيابةً عن مدرسيها الأربع، فنظمنا هذه القصيدة تذكيراً بما ربط هو والمتولي معي، وكان ذلك يوم الأربعاء أول ربيع الأول، وفيه تعريض برد دراهم من الذهب، اثنين فأكثر، من علوفة تدريسي بمدرستي المرشدية، لأنه كان متوليها. ياسين الكيلاني وفي يوم الجمعة، ثالث شهر ربيع الأول، توفي سيدنا السيد يس أفندي الكيلاني من أعيان حماة، ومن المشار إليه، والكل في حماة بدمشق، وصلي عليه بالجامع، ودفن عند الجوعية بسفح قاسيون. وهو من ذرية سيدي عبد القادر الكيلاني، وكان ذا ثروة باذخة وأملاك وإقطاع وعقارات وأراضي لا تحصى، وعمل على ضريحه قبة عظيمة. وهذه الجوعية فيها غار فيه جماعة من الأنبياء، والدعاء عندها مستجاب عفي عنه آمين. نزهات يوم الأحد خامس ربيع الأول، كنا بالقاريات بأراضي الغوطة مع جماعة من الأصحاب. والسبت، حادي عشر ربيع، دعينا إلى وادي كيوان من جماعة من الخلان. ونسأله السماح والرباح بمنه آمين. يوم الثلاثاء، رابع عشر ربيع، جاءت بشارة لعبد الله باشا كافل دمشق بالاستقرار، وضرب كم مدفع. والناس في ضيق وشدة من جهة الخبز وأسعار الأشياء كلها، ونسأله سبحانه أن يرخص أسعار المسلمين، ويخذل الكفر وأعداء الدين، ويجعل هذا البلد آمناً رخياً في حرزه، والمسلمين أجمعين يا رب العالمين. نزهات يوم السبت، ثامن عشر ربيع الأول، كنا مع جماعة من الأفاضل بالسيوفي، دعانا إليه الشيخ عبد الباقي الشاغوري لعقيقة المولود. يوم السبت خامس عشرين، كنا عند صاحبنا ابن شيبان ببستان القصر المطل على المرجة عند زقاق الصخر. ربيع الثاني، أوله الجمعة، يوم السبت ثانيه، كنا ببستان الكبير غربي الخلخال بالشرف القبلي عند بانياس، عند صاحبنا الحاج محمد الشاغوري. بناء جامع النابلسي يوم الثلاثاء خامس ربيع الثاني عمر جامعاً بالسهم الأعلى شرقي الحاجبية والمدرسة العمرية، الشيخ مصطفى بن الشيخ إسماعيل بن الشيخ العارف العلامة عبد الغني النابلسي، والمسجد لصيق تربته بغرب، وفيه ثمان شبابيك حديد مطلة على جناين هناك، وتكلف فيه كلفةً باذخةً.
يوميات شامية
يوم السبت عاشر ربيع الثاني، كنا عند صاحبنا الحاج مصطفى الصالحي بحور تعلى، ونمنا ثلاث ليال عندهم، والبستان الآن بيد بني خليفة، وكنا جماعةً، منهم راح ومنهم من بقي لتأكيدهم علينا، وبيده كل خير. حفلة زفاف جمادى الأولى، أوله السبت، فيه كان فرح خطيب دمشق لزواج ولده، ودعينا إلى الحضور إلى فرحه مع ابن عمه السيد رحمة الله جلبي، وأجبنا لوليمته. كمل الله أفراحه، ولم يأخذ من أحد شيئاً. تاسع الشهر، يوم الأحد، كان زواج ولدنا الشاب الشيخ إبراهيم أفندي ودعونا بعض أصحاب. يوم السبت ثاني عشرين جمادى الأولى، نزل المطر الوسمي بدمشق، ونسأله رخاء الأسعار والتيقظ في الجهر والإسرار. الشيخ خليل المرادي يوم الاثنين أول جمادى الثانية، توفي السيد خليل بن السيد محمد بن الشيخ مراد، وصلي عليه بالسليمية ودفن عند أخيه إبراهيم بتربة ذي الكفل، لصيق الزاوية العجمية بسفح قاسيون. ليلة الثلاثاء تاسع الشهر، وأوله الاثنين، دخل قاضي الشام حسين أفندي صالح زادة الرومي. الخلوات رجب، أوله الثلاثاء، فيه كانت خلوة السيد يوسف أفندي بعمارته التي أنشأها عند داره، ودعينا إلى الحضور فحضرنا. وبعده خلوة بني أيوب، دعينا فحضرنا، تقبل الله من الجميع. شعبان، خامس الشهر يوم الاثنين أول الخلوة البردبكية بدمشق، وحضر أكابر وأعيان، ونسأله القبول بجاه الرسول. سليمان العظم والياً يوم الثامن فيه الخميس، دخل سليمان باشا كافلاً بدمشق، وعزل عبد الله باشا وسافر إلى بلاده، ونزل سليمان باشا بالسرايا. رمضان، أوله الخميس على ثبوت شعبان، فيه دخل حج كثير وأمين الصر وغيرهم. شوال، أوله السبت، والوقفة الجمعة، يعني وقفة العيد، يعني كوقفة عيد الأضحى، إذ عيد الفطر لا وقفة له، والله أعلم. رابع عشره، يوم الجمعة، خرج المحمل والباشا معه بعد الصلاة. يوم الأحد سادس عشره طلع الحج. تاسع عشر الشهر، يوم السبت كنا على حافة نهر بانياس غربي قصر منجك. القعدة، أوله الاثنين، يوم الثلاثاء ثانيها دخلت الخزنة المصرية. ختمة في الصابونية يوم السبت سادس القعدة، وأوله الاثنين، كنا بالصابونية نحن والشيخ محمد الحنبلي، وختمنا ختماً من القرآن. فقرأ الحنبليان الشيخ أحمد الحنبلي والشيخ محمد الحنبلي أربعة عشر جزءاً، والسيد مصطفى ستة والشيخ سعيد أفندي ستة، وكاتب الحروف أربعة، فهذه ثلاثون. وفي بكرة النهار ذهبنا إلى الصوابية ومكثنا إلى المساء. وفي عشرينه كنا في بستان الجوز، ونسأله تمام النعمة وحسن الختام. وفي أثناء الشهر، راسلت الأخ مصطفى جلبي بن أبي الصفا أطلب فرساً منه كانت عنده عارية. يوم عشرين القعدة، دخل كيخية إبراهيم باشا الكردي، ويوم واحد وعشرين دخل إبراهيم باشا الكردي، وهو باشة الجردة، وطلع أول الحجة، وأوله الثلاثاء. فيه كان العيد الخميس. أحمد المحاسني وفيه سادس الشهر توفي أحمد أفندي الخطيب ابن محاسن، وصلي عليه العصر، ودفن بالباب، وناب في الخطبة عن ولده المقررة عليه ابن عمه الشيخ موسى، خطيب الدرويشية، والمدرس بجامع بني أمية. يوم السبت كنا بالدهشة، ثالث عشر الشهر. دارة حول الشمس وفي سادس عشر الحجة، ظهرت دارة ذات لونين حول الشمس، كبيرة، وذلك قبل الزوال. وفي يوم السبت ثامن عشر الحجة الحرام، ذهبنا لقرية سقبا إلى عند صاحبنا أبي علي، وفي ثاني يوم ذهبنا لزيارة سيدي سعد بن عبادة، وعدنا المساء. مطر في الصيف وفي يوم الخميس، صار بالصالحية ودمشق مطر غزير ورعد وبرق، وكان ذلك أيام الورد، ومبدأ أيار في الرومي، وذلك رابع عشرين الحجة. يوم الاثنين، ثامن عشرين، دعانا بعض الأصحاب إلى بستان جريف، لصيق طاحون الأحمر بالسهم، وعمل لنا ضيافة، كان الله له، آمين. محرم الحرام سنة 1147 3 - 6 - 1734م محرم الحرام سنة سبع وأربعين وماية وألف الحكومة وأوله الخميس، وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والأعجمية، السلطان محمود بن مصطفى خان بن محمد خان، عليهم الرحمة والرضوان، وكافل دمشق سليمان باشا ابن العظم، بالحج الشريف، وقاضي الشام حسين أفندي صالح زاده، والمفتي حامد أفندي، والعلماء والمدرسون على حالهم.
يوميات شامية
وفيه نزل السعر عما كان عليه في الحبوب، وله الحمد والمنة. وفيه يوم الثلاثاء سادس الشهر دعينا إلى بستان القطان بأرض المحاضر، وفيه من الحموي شيء كثير، وفي هذه السنة لم يصب الأثمار آفة، ولله الحمد. أسعد المالكي وفي يوم الأربعاء سابع محرم، توفي من العلماء السيد أسعد بن محمد أفندي المالكي، وصلي عليه بالجامع، ودفن بالدحداح في الجهة الشرقية، قرب العارف أيوب الخلوتي. جنينة البكري يوم السبت العاشر، أعني يوم عاشوراء، دعينا إلى جنينة الدار المنسوبة إلى البكري في قرية جرمانا في الغوطة، مع جماعة من الخلان، وقلت فيه بأبيات. وفي يوم الأحد، حادي عشر الشهر، كنا في حديقة يمر بها نهر بردى، مع جماعة من الإخوان إلى المساء، مع جماعة من المحبين: علي جلبي ومحمد جلبي والحاج محمد، والشيخ محمد الكفلي. وفي يوم الثلاثاء، ثالث عشر محرم، كان درس النحو بدارنا بحكر الأمير المقدم بالصالحية من دمشق، ولما فرغنا قرأنا الفاتحة ودعونا الله تعالى. يوم الجمعة، ليلة السبت، 16 محرم، دعينا إلى حضور الخلوة الكاينة في السادات، وهو جامع منجك. بستان الوادي ثم دعينا من هناك إلى بستان لضيافة بعض الأصحاب، وبتنا بالبستان المزبور إلى بكرة النهار، ولم نقم، لشغل كان حاصلاً، وإليه كل أمر، ويسمى البستان بالوادي، والطريق إليه من حمام السكاكري. يوم 18، فرح السيد مصطفى الصفدي يوم الأحد، ودعانا إليه وحضرنا. يوم الثلاثاء العشرين من محرم، كان الدرس المذكور وقرأنا الفاتحة، ودعونا الله تعالى. قرية البلاط وفي يوم السبت، رابع عشرين محرم، ذهبنا إلى قرية البلاط لعند صاحبنا يوسف، وبتنا ثلاث ليال عنده، ونزلنا بكرة يوم الثلاثاء، ومررنا على الشيخ رسلان، ودخلنا إلى عند حضرة حامد أفندي المفتي لغرض من الأغراض، وكان في داره. أخبار الحج وفي يوم الأحد، الخامس والعشرين من محرم، جاء جوخدار من قبل الحج، وأخبر أن الكتاب بعد كم يوم يرد، والحج يدخل يوم الأحد ثالث صفر، والمحمل رابعه، يوم الاثنين، ولم يحصل للحج من العرب شيء، وكان الأمن والرخاء كثير، ولله الحمد والمنة. يوم الأربعاء، ثامن عشرين محرم، جاء الكتاب وأخبر أن الحج بخير. صفر، وأوله الجمعة، يوم السادس، فيه دخل الحج. يوم الخميس السابع، دخل المحمل، وباشة الجردة إبراهيم، وأخبروا أن العيد بمكة كان الجمعة، والوقفة الخميس، وفي دمشق، الخميس كان العيد، والوقفة الأربعاء، ونسأله القبول. الشيخ إبراهيم الرفاعي وفي الأحد، العاشر من صفر، توفي الشيخ إبراهيم بن الشيخ المتعبد المبارك بركات الرفاعي الصالحي، وصلي عليه الظهر بالسليمية، ودفن عند الشيخ عبد الهادي، العالم الولي، شمالي المعظمية والمدرسة العزيزية. بستان الباسطي وفي يوم السبت، ثاني صفر، كنا عند صاحبنا أحمد ببستان الباسطي المنسوب لبني الصمادي، وبتنا تلك الليلة. وهو بستان نزيه، يجعل القلب فيه نبيه، ترقرق فيه الماء كاللجين، وزاد فيه التبر الماء من العين. ونظمت فيه بأبيات ودخلناه بكرة النهار، مع جماعة من ذوي الأبصار، وكان أيام البلدي. رؤيا وفي التاريخ في يوم ذلك، أخبرني من كان معنا في السير المذكور بواقعة، أي رؤيا، ليلة الجمعة ثاني عشرين صفر، أني في جامع متكيء في مكان منه، فدخل من باب الجامع رجل ذو شيبة، فقام الرائي ليقبل يديه إجلالاً له، فقال: لا، قبل يد هذا، وأشار إلى المتكيء مكانه، سأله: من أنت؟ فقال: أبو بكر الصديق، ثم دخل إلى عند المتكيء وقال له: استوص بفلان، وهو الرائي. فقلنا: الحمد لله على إنعام الله بالتفات الصديق إلينا بمثل ذلك، وفي الحديث: لا تزال المبشرات يراها المؤمن أو ترى له، ونسأله التوفيق بمنه، آمين. وفي يوم الاثنين، ونحن في حديقة لبني الحكيم، فأنشدني السيد إبراهيم، من بني الحكيم، الصالحي من نظمه في ذم الزمان وأصحابه لنفسه معارضاً: شعر وجداني أين الكذوب من المحبّ الصّادق ... ما الهجر مثل الوصل اللذيذ العاشق هذا الزمان، بنوه يشبه ودّهم ... لمع السراب فلست فيه بواثق فخذ النصيحة إن أردت سلامةً ... وصد المسرّة مثل حدّ الباشق
يوميات شامية
ووجدت في بعض المجاميع: حجاب لانشراح الصدر من كثر همه وضيق صدره، يقرأ عند مضجعه سورة " ألم نشرح " سبع مرات وينام، فبعد النوم يزول. وآخر للمحبة وبعده باب محبة وتآلف: تأخذ إحدى عشرة فلفلة، تقرأ على كل حبة سبع مرات هذه الآية: " وإنَّه على ذلك لشهيد وإنه لحُبِّ الخير لشديد ". وثالث للسلوان وآخر، لسلوة من يحب أحداً: يكتب له في إناء نظيف ويسقى، وهو قوله تعالى في سورة الأنعام: " قُلْ تعالوا أتْلُ ما حرَّم ربكم عليكم: ألاّ تُشركوا به شيئاً، وبالوالدين إحسانا، ولا تقتلوا أولادكم من إملاقٍ نحن نرزقكم وإيّاهم، ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا تقتلوا النفس التي حرَّم الله إلاّ بالحقّ، ذلكم وصّاكم به لعلَّكم تعقلون ولا تقربوا مال اليتيم إلاّ بالتي هي أحسن حتّى يبلغ أشُدَّه، وأَوْفوا الكيل والميزان بالقسط، لا نكلِّف نفساً إلاّ وسعها، وإذا قُلتم فاعدلوا ولو كان ذا قُربى، وبِعَهْدِ الله أوفُوا، ذلكم وصّاكم به لعلّكم تذكَّرون وأنَّ هذا صراطي مستقيماً فاتّبعوه ولا تتّبعُوا السُّبُلَ فتفرَّق بكم عن سبيله، ذلكم وصّاكم به لعلكم تتقون ". فالذي يكتب إلى: تتقون. ورابع للبرود وأخرى للباردة حرف العين في الأول، والفاء في الثاني والواو في الثالث، ويبخر ببزر نارنج، أو توضع في إناء ويشرب منها. وعليه القبول، وقضاء الحاجات. وخامس لجلب الزبون وأُخرى لجلب الزبون للحانوت، نافع إن شاء الله تعالى، وعليه القبول، وبيده أزمة كل شيء، وهي أن يكتب ويطرح تحت عتبة الدكان لأجل المعاش: " بسم الله الرحمن الرحيم. وكفَّلها زكريا، كلّما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً، قال: يا مريمُ أنّى لكِ هذا، قالت هو من عند الله، إنّ الله يرزقُ من يشاء بغير حساب ". " ربَّنا إنَّكَ جامعُ الناس ليومٍ لا ريبَ فيه ". " ثم ادْعُهنَّ يأتينك سعيا ". " وحُشر لسُليمان جنودُه من الجنّ والإنْس والطّير فهُم يُوزعون.... إلى موضع فألْقِهْ إليهم.... وأْتوني مُسلمين ". " ادخُلوها بسلامٍ آمنين ". " سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ". " والشمسَ والقمرَ والنُّجومُ مُسخَّراتٍ بأمره، ألا له الخلقُ والأمر، تبارك الله ربُّ العالمين ". حجاب للرزق وللجلب في الرزق: اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل، منزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان على محمد صلى الله عليه وسلم، وعليهم أجمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. وأفادني بعضهم أن الفاتحة تكتب وتعلق في الحانوت لجلب الزبون، وقراءتها كل يوم مائة مرة لتوسعة الرزق، ولو بعد حين. ولوفاء الدين " قُل اللَّهُمَّ مالك الملك " بعد الفاتحة في الصلاة. هذا ما وجدت منه الفائدة فكتبته ليستفاد، وبيده كل أمر وخير. دعوات ربيع الأول، أوله السبت، يوم الاثنين ثالثه دعينا إلى عند صاحبنا الأخ الفقيه الشيخ أحمد الحنبلي الخطيب بجامع منجك غربي برج الروس في محلة السياغوشية، وكان المفتي الحنبلي وجماعة من الفقهاء والصلحاء، ونسأله التمام إلى خير. وفي يوم السبت أول الشهر، دعينا إلى حديقة يجري في قبليها بردا. وفي الأحد دعينا إليها ثانياً مع جماعة من الخلان والأصحاب، ونسأله أن يشرح صدورنا وييسر بالخير أمورنا، إنه على كل شيء قدير. وفي يوم السبت ثامن ربيع الأول، دعانا السيد رشيد بن مصطفى باشا ابن دعبول إلى بستان الوادي، وكان الجمع كثيراً، وعدنا إلى دار ابن دعبول عند المغرب، وبتنا ليلة السبت عنده لغرض التبكير، وثاني ليلة، ليلة الأحد للمجيء في المساء، والله الموفق. حجاب آخر وفي تاريخه، أفادني عبد الرحيم جلبي المترجم: يقرأ على دعاء فيه ماء سورة " قل أوحي "، ثلاث مرات في كل ليلة على ثلاث ليال، ثم يرش في كل قرنة من الدار شوية، يرتفع بإذن الله، والبخور: حنتيت وحصا البان. وعليه قضاء الحاجات، وإجابة السور والآيات. تهليلة الناشفي
يوميات شامية
وفي يوم السادس والعشرين، يوم الخميس ليلة الجمعة، كانت تهليلة المرحوم إسماعيل آغا بن المرحوم صادق أفندي الناشفي، التي وقفها على بعض أستاذين من الخلوتية، في كل سنة مرةً، وشرط سماطاً وسماعاً بآخر الليل، وشرط تولية ذلك والنظر فيه علينا، طريقة تهاليل أهل دمشق وختومها، وتفرقة بعض لوازم ذلك منها، تقبل الله منه، آمين، وذلك في ليلة الجمعة سادس عشرين ربيع الأول سنة 1147. وتهليلة الهلالي وفي تاريخها: كان انتهاء تهليلة القاضي صالح الهلالي، الوقف على بعض أستاذين الخلوتية ومن يخلفهم من الأستاذين، وصارت إلى العدد سبعين ألفاً، في كل يوم ألف، والابتداء من رابع عشر محرم إلى تاريخ ربيع ستون يوماً وعشرة، وكانت سماطاً، ومحلي آخر الليل، وتفرقة على الخدمة والمنشدين على جاري عادة تهاليل أهالي دمشق. التهليلة ولكن الوقف تقاصر عما كان، وما بقي، لا يفي كما شرطه الواقف، فبقي مال وقفها دون ما كان، وبقي العمل لها بحسب الإمكان، فاختصر في العمل ناظرها الموقوف عليه على العدد والفاتحة والدعاء، ويهدي ذلك إلى الواقف، ولو شرط ختماً كان يصير بنحو خمسة أنفار، ولكن شرط تهليلة قول " لا إله ألاّ الله " سبعين ألفاً، ويهدى ذلك إليه، وقراءة الفاتحة، والله يتقبل بمنه، آمين. دعوة ربيع الثاني، أوله الاثنين، ليلة الأربعاء، ثالث ربيع الثاني، دعانا الأخ الصالح الشيخ محمد بن عبد الله الحنبلي، الخطيب، بجامع جراح، والإمام فيه، إلى داره غربي جراح مع جماعة من الصالحين. وادي كيوان وفي يوم السبت السابق، تاسع وعشرين، دعانا بعض الأصحاب إلى وادي كيوان شرقي الربوة، مع جماعة من الأفاضل والكمل، ولم أنظم فيه بشيء، وهو تاسع عشرين ربيع الأول، ورجعنا عند المساء. وكان في الربوة من الناس ما لا يحصى، كما هو جاري عادة أهالي دمشق. وذكر الهزار، في معرض، لأنه كان معهم حياة الحيوان يطالعون فيه. تهليلة محمود السيوفي، يوم التاسع من ربيع الثاني، ليلة الخميس. سقبا وفي ليلة السبت، يوم الجمعة مساءً، ثاني عشر ربيع الثاني، وأوله الأربعاء أو الثلاثاء، كنا في قرية سقبا عند صاحبنا أبو علي يوسف، ومكثنا السبت والأحد، يومين وثلاث ليال، ورجعنا يوم الاثنين بكرةً. وفي يوم الاثنين 12، كنا ببستان الدواسات الكاين بالنيرب، لصيق الربوة، مع جماعة ومن الأصحاب الأخلاء الأنجاب، ولم أنظم شيئاً. تهليلة النابلسي وفي يوم الثلاثاء، ثاني عشرين ربيع الثاني سنة 1147، كانت تهليلة العارف العلامة الشيخ عبد الغني النابلسي بداره، وعند ضريحه، وتكلف ولد ولده الشيخ مصطفى كلفةً باذخةً، تقبل الله منه، وكان السهر ثلاث ليال بها. الخلوات وآخر التهاليل الثلاث، محمد بن عيسى الخلوتي وجماعته الآخذين عنه وخلق، وقبلها كان الأستاذ بها السيد يوسف أفندي المالكي، والشيخ محمد بن أيوب، والشيخ يوسف المملوك، وكان الأمر العام، في الليلة الثانية، للسيد يوسف أفندي، كما سمع. طريقة الخلوة وقبل قبلها الشيخ عبد اللطيف بن الشيخ عبد الهادي، وجميع من يتردد إلى محياه من الناس، ومعهم طبول الباز والمزاهر كما هو عادتهم، والأول كلهم من ذوي الطريقة الخلوتية. تقبل الله منا ومنهم جميع ما فعلوه من الخير، وممن أنفق تقبل الله منه كذلك، وأتمه بخير عليهم، إنه خير الميسرين، والحمد لله رب العالمين. الشيخ عدي العرودكي وفي يوم الخميس، رابع عشرين، ربيع الثاني، توفي الشيخ عدي بن الشيخ أحمد العرودكي الصالحي، من ذرية خلفاء الشيخ العارف أبي بكر العرودك، قدس سره، وصلي عليه الظهر بالخاتونية، أعني الجامع الجديد، ودفن بسفح قاسيون. طهور أحفاد النابلسي وفي ليلة الجمعة، يوم ذلك، كان طهور أولاد أولاد الشيخ العارف المرحوم الشيخ عبد الغني النابلسي المذكور، قدس سره آمين. جمادى الأولى، وأوله الخميس، أو الأربعاء. محمد المحمودي يوم الاثنين توفي الشيخ الفاضل الفقيه الشيخ محمد المحمودي الحنفي السؤالاتي، بباب الجامع الكبير، وصلي عليه الظهر، ودفن بتربة الشيخ رسلان، قدس سره، آمين. الشيخ طاهر النابلسي
يوميات شامية
وفي يوم الأربعاء واحد وعشرين جمادى الأولى، توفي الفاضل الصالح الشيخ طاهر بن مولانا الشيخ إسماعيل أفندي بن العارف العلامة المرحوم الشيخ عبد الغني أفندي النابلسي، وصلي عليه الظهر بالسليمية، وأُعلم له بدمشق والصالحية، ودفن قريباً من جده في دارهم، ومراد والده يعمل عليه قبةً فوق قبره، وطلع خلق لا يحصى. وكان في آخر أمره وفي حياة جده صار له وله وسكون واصطلام، لا يخرج إلى أحد مسكراً على نفسه، وانقطع عن الناس والاجتماع بأحد ممن قل أو جل، وترك الأكل والشرب، إلا النزر اليسير، وبقي على ذلك مدةً مديدةً في حياة جده إلى بعد موت جده في هذه الحالة. كيف مات ثم قرب موته بنحو شهرين، ترك الأكل رأساً إلى أن توفي، فلما سكت خبره نظر إليه من شباك من المكان الذي هو فيه، وكان دائماً يسكره عليه من داخل، فرأوه مستقبل القبلة نائماً على فراشه، ففتحوا عليه فإذا هو ميت، رحمه الله وعفا عنه آمين. وغسل وصلي عليه بالسليمية الظهر، وأُعيد إلى الدار، ودفن في مكان في الدار شرقي جده، عفي عنه. جمادى الآخرة وفي يوم السبت العاشر على وجه الخميس، والتاسع على وجه الجمعة، نزل المطر الوسمي، من أوايل الليل إلى قرب الزوال، ومعه ريح شديدة، وله الحمد والمنة. درس في العمرية وفي يوم الأربعاء السابع، قبله، دعينا إلى حضور درس الشيخ محمد أمين أفندي بن الخراط، في تدريسه الكاين بالمدرسة العمرية الصالحية، ودعا أفاضل كثيرة، وجعل الضيافة الحافلة في حديقة الشيخ أحمد بن الحكيم الصالحي، لصيق الخانقاه القلانسية، بينهما الطريق، والله يعوضه خيراً. وكان الدرس في الهداية، للمرغناني في أول باب التميمم. وإليه كل أمر. سعدي عبد الهادي وفي يوم الأربعاء رابع عشر جمادى الثانية توفي الشاب الشيخ الماهر الفاضل الأديب الماهر الشيخ سعدي ابن المرحوم العلامة الشيخ عبد القادر ابن عبد الهادي الشافعي مدرس مدرسة دار الحديث الأشرفية. عند سيدي عصرون. وكان ذهب إلى الروم وأتى بها، وله شعر رايق كالروض المغضن بالورد والشقايق. وصلي عليه العصر بالجامع، ودفن عند والده وأهله قرب أبي شامة بالدحداح، عفي عنه آمين. رجب، أوله السبت، وقيل الجمعة. وفي يوم الأحد، ثالث أو ثاني رجب، وصل الخبر بوفاة شيخ الإسلام بالروم، واسمه اسحق أفندي، وتولى بعده بيري أفندي، وصار مفتي الدولة. ووفاة شيخ الإسلام يوم السادس عشر من جمادى الثاني سنة 1147، رحمه الله وعفا عنه آمين. الحافظ الخليلي وفيه وصل الخبر بوفاة الأجل العلامة، الحافظ الخليلي، حافظ الزمان، وحافظ قطر القدس الشريف والأوان، ذو الشرف الأعلى والصدر المبين. لازم الإقراء والقراءة في أزهى مصره، وتضلع من العلوم وصار أجل أهل عصره، أخذ من علماء الأزهر، وصحا روض علمه وفهمه وأزهر. كان محدثاً جليلاً وصادقاً في مهمات أصحابه خليلاً. ورد الشام، ونزل دار الشيخ محمد الدكدكجي بدمشق قرب الجامع، هو وجماعته، وألقى بين المغرب والعشاء درساً حافلاً، لازمه مدة إقامته، في صحن الجامع قرب الكلاسة، وكان لهذا الدرس خلق كثير من دمشق. علومه واسمه الشيخ محمد، وهو ممن يصلح أن يقال له الحافظ في هذا الزمان، وإملاؤه حسن جداً، فهو فريد دهره في العلوم، ووحيد زمانه في المنطق والمفهوم، عرضت عليه رسالتي المسماة: الرسالة المشتملة على أنواع البديع في البسملة، فكتب بخطه إجازة لي على الرسالة المذكورة، وكتب على غيرها من رسائلي، هو والمنلا إلياس شيخنا، وهي شرح الشمعة المضية للسيوطي، في النحو، واستحسنها، وكتب بخطه عليها إجازةً، رحمه الله وعفا عنه آمين. وكذلك كتب عليها حقي أفندي الرومي البرصلي نزيل دمشق، رحمهم الله جميعاً. الشيخ عبد السلام الكامدي وفي يوم الجمعة واحد وعشرين رجب، توفي الشيخ الجليل الفهامة، والعمدة المحقق العلامة عبد السلام بن الشيخ الجليل العلامة الشيخ محمد الكامدي الشافعي.
يوميات شامية
دأب في العلوم، وحصل المنطوق والمفهوم، قرأ على أجلاء دمشق، أخذ عن التقي حمزة الحنبلي، وعن والده وشيخنا ملا عبد الرحيم الكابلي الكامدي، وعبد القادر بن عبد الهادي، شرح هياكل النور للطوسي، وغير ذلك في علم الأصول والكلام، وعن شيخنا الشيخ إبراهيم الفتال وغيره، وحضر دروس الشيخ يحيى الشاوي المغربي في شرح التسهيل، تحت قبة النسر، وحضرنا وإياه وعلماء البلد في الحكم، لابن عطاء الله، مقابل نبي الله يحيى عليه السلام، درس بمدرسة البدرائية وأقرأ كثيراً. ثم إنه صلي عليه بالجامع ودفن عند والده بالباب الصغير، شرقي سيدي بلال. الخلوات وفي يوم الاثنين رابع عشرين رجب، أول الخلوة البردبكية بدمشق. وفي السابع والعشرين يوم الخميس، الإتمام آخرها. وكان قبلها بجمعتين خلوة بني أيوب الخلوتي، ودعينا إليها وحضرنا، ونسأله القبول، إنه بعباده لطيف خبير. شعبان، أوله الأحد، دخل سليمان باشا من الدورة، ودخل قاضي الشام الرومي مصطفى أفندي علي زاده. الشيخ أحمد الحسيني وفيه توفي السيد أحمد بن الشيخ نصري الحسيني الخلوتي، تلميذ زين القضاة عيسى الخلوتي. وكان ذا ثروة باذخة، فحصل للقاضي يوم دخوله منها مقارشة التركة، لأن يوم ذلك، كان من حساب القاضي الجديد، فرقت بيوم واحد، وهو ولي كل أمر، وإليه ترجعون. ثاني شعبان دعينا إلى عند صاحبنا الأعز السيد أحمد، تلميذ مؤلف هذا التاريخ. وفي حادي عشرين شعبان، يوم الأحد، دخل حج كثير من الأروام. يوم ذلك مساءً، دعينا إلى عند السيد علي الملاح، من أصحابنا، وكان الأخ عمر آغا الناشفي، أبقاه الله تعالى. وفي التاريخ المذكور، ذكر لي إنسان موالين يحفظهما، فاستحسنتهما ورقمتهما في التاريخ، ولم تسبقني كتابة من ذلك، قوله: من مواويل النابلسي تبّت يدا من يلمني في الهوى تبّت ... قلبي تمسّك بكم حتّى بكم تبّت وحق سورة، قرأنا قبلها تبّت ... قاضي الهوى حجّتي يوم النوى تبّت آخر: يا من يدّعي العشق غيري ينتمي برام ... أنا الذي كان خمري في الهوى برام ما دام أنّ الفلك داير معي برام ... إن حلّت الناس يومي حليم برام آخر: نحن الذي ترتقي أعلا سرايرنا ... وطهّر الله بالتقوى سرايرنا رضاعكم قبل ما هزّت سرايرنا ... من ثدي أرواحنا أو من سرايرنا وأظن أنهم للشيخ عبد الغني، عفي عنه، آمين. رمضان، أوله الثلاثاء لدى ثبوته عند قاضي الشام مصطفى أفندي علي زاده الرومي. قصة مثيرة وفي تاريخ الشهر المزبور، حكي عن رجل في واقعة وقعت في تاريخ الشهر. وهو أن رجلاً فقيراً جداً، له جار له ثروة، وزوجة الفقير تلح عليه في الكسب والجلب، وهو عاجز لا سعي له ولا نوال، وزوجته تتردد على بيت ذلك الغني، لقرب المكان والجيرة. فبعض الأيام، دخلت على نساء ذلك الغني، فجاء الزوج وأخرج من عبه صرةً كبيرةً، دراهم الغلة، فقال لزوجته خذيها، فقالت له: ضعها تحت رأس الصبي، وكان له ولد في سرير، فقام المفرش ووضعها تحت راسه. فقامت حرمة الفقير أخبرت زوجها، وأتت له بسلم وعلمته موضع الدراهم تحت المفرش الذي في السرير. وبعد ذلك قام الرجل لينام، فقالت له زوجته ضع دراهمك تحت راسك حتى لا يفيق الغلام إذا قمت في الليل للمسواق، فأخذها ووضعها تحت رأسه. فلما جاء الليل نزل الرجل على السلم الذي أعدته له زوجته، فجاء إلى عند الغلام، فقام المفرش فلم ير الدراهم، ففاق الصبي فأخذ يهز له حتى نام، ففتش فلم يجد ما قالته له زوجته، فحمل السرير إلى صحن الدار لينظر، فقام المفرش ففاق الصبي، فقامت الأم لتهز له من موضعه الأول، فلم تجده، فقاما يفتشان عليه، فخرجا إلى صحن الدار فرأيا الرجل، فهرب إلى المكان الذي كان فيه السرير، فلما دخله وقع السقف وسلم الغلام والرجل وزوجته. ثم إن امرأة الفقير اشتكت عليهما عند سليمان باشا ابن العظم سنة تاريخه بأنه هفي من عندهما، يعني زوجها، فقالا: ما رأينا أحداً، فأمر سليمان بكشف الردم، فإذا هو ميت تحته، فانظر التعجب فيما يقع. حلم وتأويله
يوميات شامية
وفي يوم الأحد عشرين رمضان سنة 1147، رأيت وأنا جالس كأنني أُلبست خلعةً جديدةً، وأدخلت يدي في الكم الواحد، والكم الثاني بعد لم أُدخل يدي فيها، وقائل يقول لي: فسبح بحمد ربك واستغفره، وفقت في الحال، والله أعلم. أقول: وفسرتها صبحة ذلك، بأن لي علوفة عند رجل من الأكابر، باقي منها مقدار ما، فعلمت من الرؤيا، أن المرسال لا يأتي بكل البقية، فكان الأمر كذلك، وعلمت بذلك بعد حذف من ذلك الباقي. شوال، أوله الخميس، كنا في الإيجية بالصالحية وذلك يوم السبت ثالث الشهر المزبور. يوم الخميس، الخامس عشر من الشهر، طلع المحمل والباشا، ومعه من البيارق ماية وعشرون بيرقاً، وهو سليمان باشا، أخو إسماعيل باشا كافل دمشق المتوفى بقلعة أرواد، وتوفي بها ودفن بمسجد هناك. يوم الاثنين، تاسع عشر الشهر، طلع الحج الشريف ومعه الحلبي، وكان دخل الحلبي في سابع عشر، يوم السبت. مصرع ابن الحرفوش آخر الشهر ورد قتل الأمير إسماعيل ابن الحرفوش حاكم بعلبك، قتله إبراهيم باشا الكردي، كافل محروسة ترابلس آناً، وكان أمنه حتى حضر، ثم حبسه، ونعم ما صنع. ذو القعدة الحرام، وأوله السبت. وفيه ورد إبراهيم باشا الكردي باشة الجردة، ونزل عند قبة الحاج، لكون أن بردى في زيارة، لا يمكنه النزول بالمرجة. ثم نزل هو في كشك التكية، تكية أحمد باشا الكجك. أرملة ابن الخياط وفيه توفيت زوجة القاضي محمد بن الخياط الصالحي، وحسب لها من ذريتها ستين زوجاً، وصارت جدة الجدة. وواقع مثل هذا قليل، ولكن كما قيل إنها بلغت الماية وزيادة، والحال يقتضي ذلك. وفي الشهر المزبور حضرنا خلوة السيد يوسف المالكي بعمارته الكاينة قبلي قلعة دمشق، وقبلي المدرسة القزمازية، وحضرنا الذكر من بعد الظهر إلى العصر. وكان يوم الثلاثاء أو الأربعاء، فيما أظن. بستان شريبيشات وفي يوم السبت ثاني عشرين الشهر، دعانا الحج محمد مع بعض أصحاب لبستان شريبيشات، داخل باب السريجة، قبلي سيدي خماراً قرب السوق، وذلك في أيام الزهر والربيع، وعمل مهيا حسن، كان الله له، آمين، ثم رجعنا نحو سيدي خمار، وقرأنا الفاتحة. الدورة التغلبية الثلاثاء، خامس عشرين الشهر، خرج الشيخ إبراهيم ابن محب الدين التغلب الصالحي لزيارة الست، بالأعلام والمزاهر، ومرادهم المرور عند العصر على قرية القدم والعمارة، لأن الباشا أمير الجردة نازل في التكية ليتفرج على أرباب الأحوال، وبيده كل أمر. درس النحو وفيه، يوم الثلاثاء المذكور، كان درسنا بالنحو في المغني بدارنا، بحكر الأمير المقدم الظاهري، في الباء الزائدة، وهي واجبة في الفاعل، نحو أحسن بزيد، وغالبة في نحو: كفى بالله شهيداً، وضرورية كقول الشاعر: ألم يأتيك والأنباء تنمي ... بما لاقت لبون بني زياد ووقفنا على الثاني، وهو الذي يزاد فيه المفعول، لأنها تزاد في ستة مواضع، وإليه كل أمر. الحجة، وأوله الأحد، أو السبت على حساب دمشق. يوم ذلك كنا في سير عند صاحبنا الأعز الأمجد الشيخ بكري ابن الشيخ مصطفى ابن سعد الدين الميداني، بالقصر الكاين على نهر ثورى المنسوب للبكري، بالجسر الأبيض، في أيام الربيع، في هجوم الورد. وأكرمنا غاية الإكرام، ومكثنا إلى المساء، بيض الله ثناه، وكان والده بالقصر المنسوب الآن لبني السفرجلاني، فنزل إلى عندنا، وحلت بكرته علينا، كان الله لنا ولهم. يوم الاثنين، ثاني الشهر، سافرت الجردة لملاقات الحج الشريف. وسمع في تاريخه أنه صار بالحج شوشرة من العرب، ونسأله أن لا يكون لذلك أصل. يوم الثلاثاء، ثالث ي الحجة، كنا نحن والمفتي حامد أفندي عند قاضي الشام علي زاده، وله في العلم قدم راسخ، ومن جهة الأدب والحلم، فمما لا يخفى، أبقاهم الله وأكثر من أمثالهم. درس في النحو وفي يوم ذلك بكرة طلوع الشمس، كان درسنا في المغني بدارنا بحكر الأمير المقدم بالصالحية، مع جملة من الأفاضل، كان الله لنا ولهم آمين، ثم نزلنا إلى حضرة حامد أفندي، ثم ذهبنا إلى قاضي الشام المذكور، أبقاهم الله، آمين. يوم الأربعاء رابع ذي الحجة، كنا في حديقة الأخ الشيخ أحمد ابن الشيخ محمد بن الحكيم الصالحي، مع جماعة من المحبين، أولي الكمال والتمكين، وذلك بحديقته الكاينة بالجسر الأبيض.
يوميات شامية
يوم الخميس، الخامس، ذهبنا إلى المدرسة الخديجية بالصالحية موضع تدريسنا بالفقه، وذلك عند طلوع الشمس، ومعنا جماعة من الأفاضل. حسن الكردي يوم الجمعة رابع عشر، توفي العلامة ملا حسن الكردي، وصلي عليه بالجامع، ودفن بالدحداح الغربية. ووجدت على هامش من مجموع: وصفات لتنظيف الثياب لقلع الزيت الحار من الثوب، يغلى اللبن الحليب غلياً جيداً، ويلقى الثوب فيه يخرجه. ومثله لقلع الخوخ من الثوب: يدق بصل الفصيل، ويؤخذ ماءه ويغسل به الثوب، ثم بالصابون، يزول. ولقلع التوت: اللبن الحامض القاطع يطلى به على ثلاث مرات أو أربع، ويلقى في الشمس، يزول، والله أعلم. محرم الحرام سنة 1148 محرم الحرام سنة ثمان وأربعين وماية وألف 24 - 5 - 1735م الحكومة وأوله الثلاثاء، وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والعجمية السلطان محمود خان ابن السلطان مصطفى بن محمد خان، عليهم الرحمة والرضوان، والباشا بدمشق سليمان باشا ابن العظم أخو إسماعيل باشا، الكافل سابقاً، وقاضي الشام مصطفى أفندي علي زاده الروي، والمفتي والمدرسون على حالهم. حمام المرادنية في أوله فتح الحمام الذي أنشأه سليمان باشا على غربي قيسارية بهرام، شرقي السنانية عند سوق الجديد، وجاء في غاية الحسن والنضارة. ويوم الثالث فيه، الخميس، كان درس في الفقه في المدرسة، في الصلح. رابع عشر محرم، دخلت الخزنة ونزلت بالمرجة. خامس عشره، أول ابتداء شرط القاضي صالح من شروط وقفه. عمر الناشفي يوم الاثنين، واحد وعشرين محرم، توفي عمر آغا بن أحمد آغا الناشفي، وصلي عليه الظهر بالسنانية، ودفن بالباب الصغير، قبلي بلال رضي الله عنه. يوم الجمعة خامس عشرين محرم، ورد الكتاب وأخبر أن الحج بخير. دخول القافلة صفر، أوله الأربعاء، يوم السبت رابعه، ورد الحج الشريف في عافية. يوم الأحد خامس الشهر، دخل المحمل والباشا وبقية الكواخي، ودخل باشة الجردة في الرابع، السبت، ونزل بالميدان الأخضر. يوم السادس سلمنا على بعض إخوانا الحجاج. عاشر الشهر خرج حج من الأروام. يوم الثامن عشر يوم السبت ذهبنا إلى قرية البلاط بكرة النهار إلى عند صاحبنا يوسف النحلاوي، ورجعنا يوم الأربعاء ثاني عشرين الشهر، وهو بستان نزيه فيه من المشامش ما لا يحصى، حتى عجزوا عن لمه. الشيخ محمد العجلوني ربيع الأول، أوله الجمعة، يوم الاثنين الرابع، في توفي العالم الفقيه الصوفي الشيخ محمد العجلوني الشافعي. رحل إلى الأزهر في طلب العلم، وتفقه في دمشق على الولي السيد حسن المنير، مواظباً درسه بالدرويشية، ولازم الإقراء والإفادة بمسجده عند داره بالقنوات، وعمل حسن جلبي على مسجده مأذنةً من حجر لطيفة، وعين مؤذناً بعلوفة، وصلي عليه بداره وبجامع المصلى، ودفن قرب بلال عند شيخيه السيد حسن وملا إلياس. والي آغا يوم الجمعة، ثاني عشرين ربيع الأول، توفي دالي آغا، الزعيم الرومي الساكن بالشالق، وكان كاملاً ورعاً ساكناً حليماً ودفن مساء يوم الجمعة بالدحداح بعد أن صلي عليه بجامع الورد. يوم الثالث والعشرين، كنا ببستان محمد أفندي، قرب الهدا، أيام الخواجكي، ومعنا ثلاثة أنفار، ونظمت بيتين: خواجكيٌّ مثل خدّ الحبيب ... أو شفتيه في سقيها بالرحيق كأنّه الياقوت محمّراً ... أو قضيباً فيه نبت شقيق يوم 25 ربيع الأول، الاثنين، فرغ شرط الواقف الهلالي. مقتل أزعر ربيع الثاني، وأوله الأحد أو السبت. فيه قتل الباشا شاباً من أهل العتو يقال له ابن يغمور، من الشاغور، يقطع الطريق عند كيمان الباب الصغير ويشلح. تجريص شهود زور وفيه جرص شهوداً زوراً في نفقة أنها معطلة، وفسحوا لامرأة، فجاءت بينة بوصلها ما عدا نصف شهر ثم أقرت بذلك، ثم تبين أن تحت يدها من أسباب الرجل نحو ثلاثة ألف غرش، أسباب مكلفة، ولا حول ولا قوة إلا بالله. أصغر زوجين وفيه فتح ولد صغير ابن ستة سنوات بنتاً مثله، وتوافقا عند الباشا. قيل: وكتب كتاب الصبي على البنت، وعليه مهر البضع.
يوميات شامية
يوم الثلاثاء، ثالث ربيع الثاني، كنا عند حضرة حامد أفندي المفتي، وفي أثناء المجلس بعد ظهر ذلك اليوم، أرسل إليه سليمان باشا لحضور ديوان كان في مصطلح من المصالح، فتوضى وصلى الظهر، ثم ركب وذهب إلى السرايا، والله يصلح الراعي والرعية بمنه آمين. بستان الدواسات يوم الثلاثاء عاشر الشهر، كنا ببستان الدواسات، قرب الربوة، وذهبنا نحن وجماعة من الطلبة، والشيخ عبد الله المعيد، وعملنا درسنا في المغني هناك في حرف الراء في بحث رب، إلى المساء، ولم يسبق ذلك لغيرنا، وله الحمد والمنة، ومقدار مكث الدرس خمسة عشر درجة. وفي هذا اليوم، أي يوم الثلاثاء، كان أول شروع ولدنا سعيد في تعمير الطبقة قبلي دارنا في الحريم، كان الله له عوناً ومعين، آمين، وذلك في الثلاثاء سنة 1148. فرح سي علي يوم الأربعاء حادي عشر الشهر، دعينا إلى فرح سي علي بن دعبول بالشاغور، لزواج ولده الشاب الخالي العذار. ودعا خلقاً كثيراً، ولم يأخذ من أحد شيئاًن بعد الكلفة البالغة، وبقي هذا الفرح أياماً. مصطفى سنان وفي يوم الأحد، ثاني عشرين ربيع الثاني، توفي مصطفى آغا بن أحمد أفندي بن سنان، بقصرهم بالجسر الأبيض، وصلي عليه بجامع التوبة بدمشق، ودفن بالدحداح بالجانب الشرقي. ليلة السبت، آخر الشهر، كنا بقرية سقبا. مصرع آغة الينكجرية جمادى الأولى، أوله الأحد، ثانيه الاثنين، قتل القول آغة الينكجرية لعدم إعطاء العلايف، ومطاله إياهم، والمطل مذموم. يوم الأربعاء، نزلنا من سقبا، وذلك يوم رابع الشهر. الشيخ محمد بن يلبان يوم الأحد ثامن جمادى الأولى، توفي الشيخ محمد بن شيخ الإسلام شمس الدين محمد بن بلبان الحنبلي، وصلي عليه الظهر بالسليمية، ودفن تحت الكيلانية بالروضة في سفح قاسيون. الثلاثاء عاشر الشهر، كنا عند حامد أفندي لحساب لنا عنده، وعنده مطل سامحه الله، وكان عنده السيد عبد الله أفندي العجلاني، النقيب سابقاً. وفي يوم السبت رابع عشر، نزل المطر الوسمي، ومنه الفضل والإحسان. بستان بهرام يوم السبت ثامن عشرين جمادى الأولى، كنا نحن وجماعة من الخلان ممن تجلى في جيده فم الزمان، وذلك في بستان بهرام، ونظمت فيه: سقى النّيرب الشّامي رذاذ من القطر ... وحيّا رباه زاكي الطيب والعطر جمادى الثاني، وأوله الثلاثاء، ذهب في أوله كافل دمشق سليمان باشا إلى الدورة. دار المؤلف وفي يوم الثلاثاء خامس عشر الشهر، حضر إلى عندنا بعض الأفاضل إلى دارنا بمحلة الأمير المقدم الظاهري، وقال لي بعضهم عن تاريخ عمارة القاعة السعيدة الجديدة فقلت، هي في سنة تسع وعشرين، فقال: هل نظمتم شيئاً؟ قلت له نعم، فأنشدته القصيدة فيها وهي قولي من بحر الطويل في بركتها المثمنة المرخمة: وفوّارة في كأس ماء تكوّنت ... كجوهرةٍ بيضا تساوت جوانبا وفي ليلة الاثنين رابع عشر الشهر، رأيت مبشرةً، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم في مربع جالس، وقال لي: إن الله يصلي عليك وعلى أهلك وعلى جماعتك أجمعين، فسررت سروراً لم أر قبله ولا بعده، ولله الحمد. الصراع بين الباشا والأعراب وفي يوم الخميس سابع عشر الشهر، بلغ خبر بأن الباشا طلع عليهم العرب، وأخذوا حصةً من العسكر وقتلوا منهم خلق، فنهض الباشا وحمل عليهم عسكره فكسرهم، وإنما كسروا العرب العسكر أولاً بحيلة فعلوها، أنهم لما رأوا العسكر هربوا قدامهم، وأبقوا الميرة ونحوها، فاشتغل العسكر بالنهب، فكرت عليهم العرب فكسرتهم، ثم قام العسكر والباشا دفعةً فكسروهم، وقتلوا نحو مايتين منهم، وهو الفعال لما يريد. وفي يوم الجمعة ثامن عشر جمادى الثاني ورد قاضي، ويسمى عفتي أفندي الرومي، قيل معزولاً من قبرص، وقيل من حلب، ومراده الحج، ولا يحكي العربية. رجب، وأوله الأربعاء. وفي ليلة السبت حادي عشر صار بدمشق زلزلة ظاهرة. والله يلطف بالعباد. إنه بعباده حليم. الشيخ إبراهيم بن القاضي وفي يوم الثلاثاء، رابع عشر الشهر، توفي الشيخ إبراهيم ابن القاضي عبد الحي البهنسي بسكنه بالصالحية، بمحلة السكة.
يوميات شامية
كان عارفاً بالهندسة والمهيئة، كاملاً في شأنه وحاله، منزوياً، إلا في مصالحه الضرورية ونزل به إلى المدينة وصلي عليه بجامع التوبة، ودفن عند أهله بالدحداح الغربية، عفي عنه. سهرة عند سي رجب وفي ليلة السبت رابع عشرين رجب، كنا عند صاحبنا سي رجب، مع جماعة من الخلان وتوابع من الإخوان، وسهرنا عنده تلك الليلة، وكان السمر في ذكر الأولياء والصالحين، ومكثنا عنده إلى بعد طلوع الشمس، واستكثرنا خيره وشكرنا بره. وفي يوم السادس والعشرين من رجب أول الخلوة البردبكية. الغيث وليلة الأربعاء منها نزل الغيث من أول الليل إلى ظهره شاحاً، وفرح الناس وله الحمد والثناء، ودام من أول الليل إلى وقت الظهر، فامتلت دمشق من الغدران، وبيده الإحسان والإنعام. وألغزت لبعض أصحابنا من الفقهاء في مسئلة فقهية تتعلق بالدية. واقعة وفي شهر رجب المذكور، وقع لي واقعة. ضاع لي شيء من المتاع، فمكثت أياماً في حصر من ذلك ولم يبرح من فكري، ونبشت في كل وقت عليه. ففي يوم الأحد ثالث شعبان خطر أن أن أقرأ الفاتحة للشيخ العارف الذي ضريخه بين المدارس بالصالحية، فإنه مجرب للضياع، فقرأت الفاتحة، فما مكثت ذلك النهار إلا ولقيته، فحمدت الله وقرأت له الفاتحة، وكرامات الأولياء حق خارق للعادة. دخول القاضي الجديد شعبان، وأوله الجمعة، وفي أوله، ورد قاضي الشام محمد صالح زاده الرومي، وسافر علي زاده الرومي المعزول إلى بلاده بعد أيام والله ولي الأحوال. يوم الثالث والعشرين نزل الثلج الكثير ولم يطل، وبقي على الجبل أياماً. اعتقال ثمانية آغوات يوم الثلاثاء عشرين الشهر، أودع في القلعة ثمان أغوات أعيان طائفة الينكجرية، منهم علي آغا ابن الترجمان، ويحيى آغا طالو، والمقابلجي، والخمسة الأخر أيباشية، ونسأله الآخرة إلى خير بمنه آمين. عمر القاري رمضان المبارك، وأول السبت بالثبوت. يوم الجمعة سابع الشهر توفي عمر أفندي بن عبد الرحمن أفندي القاري، مدرس الظاهرية البيبرسية شمالي الأموي. وفيه دخل حج من الأروام. أخبار الحج شوال، أوله الاثنين، والحج كثير لا يحصى وله الحمد. يوم الأحد، رابع عشر شوال طلع المحمل والصنجق، وفي العام قبله طلع يوم الخميس خامس عشر الشهر، ودخل الحج الحلبي يوم الثلاثاء سادس عشر الشهر. وفي ثامن عشر الشهر يوم الخميس، خرج الحج كله دفعة. وفي ثامن عشره، قطع الأنهر بالصالحية، يوم السبت. وفيه رجعت مزيربتية الحج، ورحل الحج قبل الهلة بيومين. العملات وفي يوم السبت عشرين الشهر نادوا على المعاملة والأسعار، فالمصرية الأحمدية تسع فلوس، ومصرية غير الأحمدية بستة فلوس مضروبة بسكة السلطان الآن. مصرع المحتكرين يوم الأحد، ثاني عشرين الشهر خنق ابن العلاوي، معلم طاحون الزراميزية، لأجل خزين القمح وتقليله على الناس لأجل الغلاء، ويستدينوا المال من المعاملجية الربوية ويحتكروه، حتى ضاق المغل بدمشق، ويتلقوا الركبان بالمال ويأخذوه. ثم شنقوا اثنين من الينكجرية من الطحانة، ورفعوا الصيارف لأنهم يقصوا المصاري ويتلفوا المعاملة من الناس. جرائمهم وكل من ذكر، يقتل في الحل والحرم، لأن أذاهم عام بأفعالهم، ويسلفون على المغل بأكياس يستدينوها من المرابيين، ويحتكروه، ويطالعوا أسباباً في قلة المطر والمحل، حسبهم جهنم وبئس المصير. حتى الطحانة والخبازة واللحامة تجرؤوا على الحكام وعجزوهم، فانتقم الله منهم، وقتل المتسلم منهم، وشنق وخنق. فكم نصحوهم الحكام في الحنطة والخبز واللحم، لا يفيد، ويطالعوا مكسبهم وكلفهم، ومع ذلك لا يرجعوا حتى وقع فيهم القتل المذكور. اللهم اخذل الكفرة والمنافقين، أعداء الدين، ورد: بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ. فهؤلاء يحتمون بالإسلام احتماءً، لا يحللون ولا يحرمون، قاتلهم الله وعجل هلاكهم، أفسدوا العباد والبلاد. وورد: لا تزال الناس على الدنيا حرصا، وهي منهم، فعلمنا وانصرنا على آل الصليب وعابديه اليوم. وهؤلاء صار الدرهم والدينار نفس عبدة الدرهم والدينار، كما ورد، وهؤلاء لا يذكرون الله إلا قليلاً " ملعونين أينما ثقفوا، أُخذوا بوقُتّلوا تقتيلا ". سهرات أهل دمشق
يوميات شامية
ذو القعدة، أوله الأربعاء أو الثلاثاء. يوم الأحد ثاني عشر الشهر كنا في سهرة عند أخينا وتابعنا السيد أحمد المستوي، وكانت مشتملة على ذكر الأولياء والصالحين، خاليةً من اللهو الهرج والمرج ولله الحمد، وتكلف كلفةً باذخةً جزاه الله خيراً. وكنا نحو سبعة أنفار، حتى خالية من الغناء والسماع والدخول ولعب المنقلة والشطرنج، كما هي عادة أهالي دمشق، ونسأله الحماية والمزيد من فضله، آمين. زوج المؤلف يوم الاثنين رابع عشر ذي القعدة، توفيت حرمتنا فاطمة بنت عبد الله، من أهالي الصالحية، كانت صالحةً سليمة الصدر، تتحمل الأذى وتقنع بالميسور، ولا تعرف الصياح ولا ترادد في الجواب، وتكثر الصوم، ولها رقة في الكلام ومودة وتؤدة ودماثة الأخلاق، وصلي عليها بعد الظهر بيسير بالسليمية، ودفنت بالروضة الفسيحة بالصالحية، رحمها الله تعالى آمين. خسوف القمر وفي الخامس عشر، ليلة الأربعاء، كسف القمر، وكان آخر الليل، وصلى الناس جماعةً بالخاتونية بالصالحية. الشيخ مصطفى الخلوتي وفي يوم الخميس، صلي على الشيخ مصطفى بن عمر الخلوتي، وكان صالحاً وعليه اعتقاد، ودفن بالسفح غربي الجوعية بالصالحية، بعدما صلي عليه بجامع الأموي. وقيل صعدوا به عند الفجر، ولم يعلم به أحد، ولعله أوصى بذلك. وكان في بدايته أخذ طريق السادة الخلوتية عن شيخه عيسى بن كنان الخلوتي الصالحي، عفي عنه، آمين. السيد أحمد نهجي زاده وفيه توفي السيد أحمد نهجي زاده الخلوتي الرومي الأصل، وهو شيخ تكية أحمد شمسي باشا، شرقي القزمازية. الشيخ محمد أبو المواهب يوم الأربعاء، آخر القعدة، توفي الفقيه الشيخ محمد بن أبي المواهب مفتي الحنابلة بدمشق آناً ومدرس السياغوشية، ودفن بتربة الفراديس الشرقية عند أهله. الحجة، أوله الخميس. فيه سافر باشة الجردة، كافل محروسة ترابلس، ثم كان محصل حلب في الأصل، ثم صار يتولى الباشويات. رجل يقتل ولده وفيه قتل رجل ولده بخنجر فجاء في خاصرته فمات في الحال، وكان أرسله في حاجة فأطال، والغضب من الشيطان، والتؤدة من الرحمن. وورد خبر: ما أعطي العبد خيراً من التؤدة والرحمة. قال عليه السلام: بعثت بمكارم الأخلاق. يوم العيد، العاشر، يوم السبت، وعيد الناس، والوقفة كانت الجمعة بالثبوت لدى القاضي. قتل المشد والشوباصي وفي هذا الشهر، بلغ خبر، وذلك يوم الاثنين خامس الشهر، قتل المشد والشوباصي على البقاع، قتله الدروز أهل تلك البلاد لشدة ظلمه وعتوه وسفهه، وقطعوه حين نزل دير بالا، دخلوا عليه بالسيوف وقتلوا من جماعته بعض أناس، وكان ظلم ظلماً كثيراً في تلك البلاد، ولا يفلت أحد من شره، والبغي مصرع مبتغيه وخيم، فقد ورد: اثنان يعجل الله عقوبتهما في الدنيا قبل الآخرة: البغي وعقوق الوالدين كذا أورد هذا الحديث الأردبيلي في تفسيره. قصر منجك يوم السبت، ثالث عشرين ذي الحجة كنا بقصر ابن منجك المطل على المرجة في الشرق القبلي، وكان جدده عبد الله باشا كافل دمشق سنة أربع وأربعين وماية وألف. محرم الحرام سنة 1149 محرم الحرام سنة تسع وأربعين وماية وألف 12 - 5 - 1736م الحكومة وسلطان المملكة الرومية وبعض العربية والعجمية السلطان محمود بن مصطفى خان بن محمد خان بن عثمان، والباشا بالحج الشريف سليمان باشا، وقاضي الشام محمد صالح، والمفتي حامد أفندي، والمدرسون وبقية الناس على حالهم. عملية سطو في دمشق وأوله السبت، ثانيه نزلت الحرامية ليلاً على دار ابن خليفة، من كتابة الدفتار والحرمين والمصريين، وكان في همة زواج أحد ولده، ونقل الجهاز إلى داره، فأصبحوا لم يجدوا شيئاً من المتاع والحلي ونحوه على ما قيل، واتهم بعض الجيران، وحبس ناس منهم في الحبس، وحبس ناس وأطلق الناس. سقبا، ومعالمها وفي ليلة السبت الثامن من محرم الحرام، ذهبنا إلى سقبا إلى عند صاحبنا أبي علي يوسف السقباني. ومكثنا أربعة أيام وخمس ليال، وكان أيام الورد. وفيها زيارتان: عبد الله بن سلام الصحابي رضي الله عنه، وفيها الشيخ أبو عمرو من الأولياء، وعند مزاره بئر ماء طيبة حلوة خفيفة مهضمة، دون بقية المياه من غيرها، حتى من الشام، يؤخذ منها للمدينة، وهي أبرد من الثلج، معين دون مياه أبيار القرية المزبورة.
يوميات شامية
وذهبنا إلى غوطة حامد قبليها وشمالي المنيحة، ونزلنا يوم الأربعاء بكرةً. وفيه وردت النقابة للسيد عبد الله أفندي العجلاني. وفي السبت الثاني والعشرين من محرم، ذهبنا إلى بستان المصاطبي نحن وجماعة من الأصحاب، أيام الحموي، وفيه كثير، وماء غزير. فيه دخل الجوقدار من طرف الحج الشريف، وضرب له المدافع، وأخبر عن الحج أنه في عافية، وفرح الناس. محلتا السطر والسهم والسطر اسم مكان هذا البستان، وهو آخر بساتين السطر، وهو اسم محلة تعرف بمحلة السهم. فالسهم والسطر محلتان كانتا بدمشق، والآن صارت حدائق وبساتين كثيرة، غزيرة المياه، كثيرة الأثمار والأشجار. الحجاج صفر، وأوله الأحد، ثالثه يوم الثلاثاء دخل الحج. يوم الأربعاء رابع الشهر دخل المحمل، والخزنة يوم السبت آخر محرم الحرام. يوم الأربعاء الرابع، سلمنا على بعض إخواننا الحجاج، وفي الخميس يوم الخامس منه سلمنا على البقية، وهم ولله الحمد في غاية من الصحة وحسن الحال في الذهاب والإياب. يوم السبت الثامن خرج حج كثير من الأروام. يوم الاثنين ستة عشر في الشهر، سلمنا على الأمجد السيد علي، والشيخ بكري السعدي، ولم يتصل علمي بحجتهم، واعتذرنا لهم جد الاعتذار. ربيع الأول، أوله الثلاثاء، في أوله سافر جميع الحجاج، وقاضيا مكة والمدينة وأمين الصر وسقا باشي، وبقي شرذمة من الحج الحلبي. وفاة السلطان أحمد سابع الشهر شاع بدمشق أن السلطان أحمد توفي إلى رحمة الله، ولم يثبت ذلك، لأنه كان يصلى عليه صلاة الغايب في الجامع الكبير، كما هو العادة. المولد النبوي وفي ليلة اثني عشر ربيع الأول، وهو مولده عليه السلام ليلة السبت يوم الجمعة، دعاني الأخ الأمجد السيد محمد بن الشيخ مراد النقشبندي اليزبكي إلى داره لصيق الجامع وكان ما لا يحصى إلى المولد الذي يعمله كل سنة، وتكلف كلفةً باذخةً، ودعا خلقاً لا تحصى، تقبل الله منه بمنه. ربيع الثاني، وأوله الخميس سنة 1149، ولم يقع فيه ما يؤرخ. جمادى الأولى، أوله السبت، يوم الأحد ليلة الاثنين عاشر الشهر زواج ولدنا الشيخ سعيد. خسوف القمر وفي ليلة الخميس رابع عشر الشهر، كسف القمر آخر الليل، وغاب وهو مكسوف. وفي ليلة ذلك رأيت أن قائلاً يقول لي: نصر قريب وفتح قريب، وبشر المؤمنين يا محمد وبعد لم يظهر لي تفسيره. جمادى الآخرة، وأوله الاثنين، وفي يوم الاثنين العشرين من الشهر، نزل برد عظيم ورعد قاصف، حتى ظن أنها الساعة. وفيه سافر كافل دمشق على بلاد الدروز، ثم اصطلح وإياهم، وذهب للدورة من هناك. رجب، أوله الأحد، أوله كنا في الأسعدية. وفي آخره، ليلة تسع وعشرين، الخميس، رأيت رجلاً يخاطبني في بيت واحد، قال: وبعض الناس من غشٍّ رمانا ... وعين الله ناظرةٌ إليه القضاة شعبان، أوله الثلاثاء، يوم الأربعاء ثانيه، دخل قاضي الشام الجديد، وسافر المعزول محمد أفندي صالح زاده إلى بلاده، وورد محمد سعيد أفندي. رمضان، وأوله الخميس، لم يقع فيه ما يؤرخ، لكن كان فيه الثلج يوم الثاني والعشرين. أخبار الحج وفي أواخره دخل البلطجية والصرة والسقا باشية والحج الرومي. شوال، أوله الجمعة. يوم الخميس، يوم الرابع عشر، فيه طلع المحمل والباشا، ويوم الاثنين طلع الحج الشريف، ودخل الحج الحلبي يوم السبت. يوم الاثنين يوم الثامن عشر طلع الحج. خسوف القمر ذو القعدة، أوله الأحد الخامس عشر، كسف القمر وأعلم لصلاة الكسوف وقت العشاء. في عشرينه سافر باشة الجردة والمحصل لملاقات الحج. كتاب الحج ذو الحجة، وأوله الثلاثاء، وقيل الاثنين. وفيه جاء الكتاب، وتبينت الوقفة الثلاثاء، فيكون أوله الاثنين قطعاً، وضرب كم مدفع من القلعة، فدليل خبر للحج إنشاء الله تعالى. محرم الحرام سنة 1150 1 - 5 - 1737م الحكومة محرم الحرام، وأوله الأربعاء، أو الثلاثاء، وسلطان مملكة الرومية وبعض العربية محمود، ابن السلطان عثمان، وباشة الشام، سليمان باشا ابن العظم، والقاضي محمد سعيد أفندي، والعلماء والمدرسون على حالهم. وفي الثالث والعشرين من محرم يوم الأربعاء، جاء الجوخدار من طرف الحج وأنه بخير، ثم توجه للروم، وبعد كم يوم يأتي كتاب دمشق.
يوميات شامية
وفي الخامس والعشرين جاء الكتاب. الشيخ محمد عقيلة وفي سنة خمسين وماية وألف، في أولها، توفى العالم العارف الشيخ محمد عقيلة بمكة. أخذ عن الشهاب أحمد النخلي الخلوتي، وأخذ عن مفتي الحنفي العجمي والكوراني الشافعي وغيرهم، وذهب للروم وبغداد، وزار سيدي عبد القادر الكيلاني. صفر، أوله الأربعاء، يوم الأحد رابعه دخل الحج الشريف، والمحمل يوم الاثنين، وهو في غاية من الحسن والجمال ولله الحمد والمنة. يوم الأربعاء، في عشرين صفر، دخلت الخزنة المصرية. شهر ربيع الأول، في أوله دعينا إلى بستان السنوبسكي بعزيمة أخينا السيد حسين الميداني، والضيافة لأجلنا، ودعا بعض أصحاب، وذلك أيام التوت، وفي هذه السنة، الفواكه غزيرة، وكلها كثيرة من كل صنف، ولله الحمد. تكية العسالي وفي ليلة خامس عشره، ليلة السبت، أول ربيع الأول، السبت توجهنا لزيارة الشيخ أحمد العسالي شيخ أحمد باشا الكجك. والتكية مكانها نزيه مشروطة على السادة الخلوتية، وهي التي عند قبة الحاج. صفا الأيوبي ورحمة الله أفندي ربيع الثاني، أوله الاثنين، في آخره توفي الشيخ صفا الأيوبي وفيه توفي رحمة الله أفندي، وكلاهما بلغا إلى الثمانين، وداخلان على التسعين. المؤلف يمدح الوالي وفيه نظمت لأبيات لسليمان باشا الوزير وكان أرسل إلي هدية قبل اجتماعي به وتعرفي، فمدحته عوضاً عما أفاد، وهو من أهل العلم والمطالعة، لا يفترعه عند فراغه من السرايا قرب العصر، ثم أتبعت بمدح الحكم السياسي: الملح أنتم والملاحة فيكم ... لولاكمو هلك الأنام وبادوا والعدل فيكم ظاهرٌ متكاملٌ ... والفضل فيكم في القديم معاد لازلتمو دوم الدّوام مؤيّدين ... بنصرةٍ فيها السعادة والرشاد دمتم بهذا القطر بهجة نوره ... كالصبح يسفر بالضياء يعاد سموت علوّاً في الأنام ورتبةً ... يكون سهاها دونها فيقاد بشرى للوزير جمادى الأولى، أوله السبت، رأيت مبشرة لجناب الوزير في بقائه بدمشق في هذه السنة، وكان ستة عشر في جمادى الأولى، وهي موجهة من اثني عشر يوماً: الوزيرية على المملكة الشامية، وبقائها عليه، فيكون التوجيه بعد ستة أيام من جمادى الأولى. وفيه قرأنا في المغني، وهو حرف الكاف، بإعادة الشيخ عبد الله الحنفي الصالحي، ومقدار مكث الدرس 15 درجة. عبد الرحمن السفرجلاني وفي يوم الثلاثاء، ثامن عشرين جمادى الأولى، توفي إلى رحمة الله العالم العلامة الشيخ عبد الرحمن أفندي بن سي عمر السفرجلاني، مدرس الجقمقية، وكان فاضلاً بحاثاً في العلوم في مجلسه، لا يذكر أمر التجارة، بل دأبه مذاكرة العلم والمطالعة. وكان جريئاً لا يهاب حاكماً ولا سلطاناً إذا كان بالحق، وحفظ لإخلاصه وصدقه جم العلوم. درس بالسليمية، ثم بالمدرسة الجوزية، ثم وردت عليه المدرسة الجقمقية، وصارت الجوزية على غيره. وصلي عليه الظهر بالجامع ودفن بالباب الصغير عند تربتهم، رحمه الله وعفا عنه. جمادى الثانية، وأولها الجمعة. القاضي أحمد بن الخياط وفي يوم الأحد، ثاني عشر جمادى الثانية، توفي القاضي أحمد بن القاضي محمد بن الخياط إلياس، كاتب بالمحكمة الغربية بدمشق، وصلي عليه الظهر بالسليمية، ودفن بسفح قاسيون شرقي مزار الشيخ عبد الهادي، عفي عنه. رجب المبارك، وأوله الجمعة، رابعه، يوم الاثنين، كانت أول الخلوة البردبكية بدمشق، نواحي الأبارين في جامع الأمير بردبك، رحمه الله، وحضر يوم الخميس أكابر وأعيان، ودعوا ودعونا، تقبل الله من الجميع بمنه، آمين. شعبان وأوله الأحد، وقيل السبت، وثبت ذلك لدى القاضي برؤية الهلال ليلة السبت. وفيه خلوة السيد يوسف المالكي بعمارته التي أنشأها قبلي المدرسة القشماسية، غربي الخانقاه الأحمدية. ختمة وفي ليلة الجمعة، ثاني عشر الشهر، وقيل ثالث عشره، دعينا إلى حضور ختم عند جارنا وصاحبنا وقريبنا الشيخ محمد بن القاضي أحمد، السابق ذكره، جعله لوالده المذكور، ودعا علماء وصلحاء، ودعونا الله جميعاً له بالسرور والحبور وسعة المنزل والصفا والسماح والمغفرة والرحمة. تهليلة
يوميات شامية
وورد أن اجتماع أربعين يجتمعوا للدعاء لميتهم ويستغفروا له ويشفعوا له، إلا شفعهم الله به، كما ذكر في الجامع الصغير للسيوطي، رحمه الله، وذلك أقوى من الاستناد إلى الرؤيا المنسوبة للشيخ محي الدين، لأنه حديث، والرؤيا تتضمن هذا المعنى فيما يسمونه التهليلة المفتى بها في خصوص دمشق. وفيه، بهذه الأيام، في ليلة منها رأيت قايلاً يقول لي: بقي الحق فنصر الله الحق، وفهمت المراد منها. وفيها، في بعض ليال، أيام ذلك، رابع شعبان سنة 1150، رأيت قايلاً يقول لي: توضب للتدريس، وفهمت المراد منه. ويؤيد ذلك واقعة آخرى، أن قايلاً يقول لي: إن المفتي وقف عليك وقفاً كبيراً، بالباء الموحدة من تحت. والمفتي الذي فهمته بعد لم يدر، والحال أن المفتي بيني وبينه شيء من جهة التدريس بالمدرسة المرشدية الحنفية، إذ هو متوليها الآن من سنة خمس وأربعين وألف تقريباً، وتدريسي من سنة اثنين وعشرين بعد الماية وألف، وفهمت المفتي من هو، لا مفتي دمشق، لأن مراده بجعل مدرس فقه ومدرس حديث، وهذا الأمر تداولوا فيه، والله يفسرها، آمين. آخر شعبان، يوم السبت، كنا بالصوابية بسفح قاسيون، وذلك يوم ثمان وعشرين الشهر، مع جماعة من الأصحاب، ونظمت لأبيات: الصوابية لله يومٌ بالصّوابية زاهر ... بأزهار أُنسٍ عطرها متكامل تهبّ به ريح الجنوب كذا الصبا ... ونحن إذا فينا الشّمول وشامل لدى فتيةٍ غرٍّ كرامٍ يشوقهم ... تراب عقيقٍ كلّهم فيه يأمل شهر رمضان، سنة 1150، وأوله الاثنين. وفيه ورد حج كثير من الروم، ثم في وسطه، ورد السقا باشي وأمين الصر. وفيه ورد سليمان باشا من الدورة المتعارفة الآن. حلم للمؤلف وفي ليلة التاسع والعشرين، رأيت قايلاً يقول: يا زكريا إنا أرسلناك مبشراً. رأيت كأني أخاطب رجلاً في فضل السخاء والإنفاق. وهو نور يقع في القلب فيورث السخاء في النفس، بحيث إذا رددته إلى مسك على أحد ولو ذممته له لا يرجع، وإنه من توفيق الله وعنايته على العبد. ورأيت غلاماً فنهرته عني فلم يبرح، فصرت أدفعه بيدي ولا تصل، ثم وقف ووضع يمينه على يساره على معنى التأدب، ثم غاب، فأخذت أزجر له وأتوعده، وقلت: معي الاسم الأعظم إن اخترت أتوجه به عليك. وهذا في التفسير: الغلام والصبي فتنة مندفعة بذاتها من ملامسة يد، والله أعلم. القاضي الجديد شوال، وأوله الأربعاء، فيه، في الثاني منه دخل قاضي الشام هاشم أفندي الرومي، وانتقل القاضي محمد سعيد إلى دار بني مروان، يريد السفر إلى بلاده. وكتبت من كلام الإمام علي وغيره، من جمل الحكم، ومحاسن الشيم المرشد إليها لمن يسمع ويعي: من كلام الإمام علي حرف الألف إيمان المرء يعرف بأيمانه. أخوك من واساك في الشدة. إظهار الغنى من الشكر. أدب المرء خير من ذهبه. أداء الدين من الدين. أدب عيالك تنفعهم. أحسن إلى المسيء تسده. إخوان هذا الزمان جواسيس العيوب. استراحة الناس في الياس. إخفاء الشدايد من المروءة. حرف الباء بر الوالد سلوة. بشر نفسك بالظفر بعد الصبر. بركة المال في أداء الزكاة. بع الدنيا بالآخرة تربح. بطن المرء عدوه. بركة العمر حسن العمل، بلاء الإنسان من اللسان. برك لا تبطله بالمنة. بشاشة الوجه تحقق الإقبال عليك ثانيةً. حرف التاء توكل على الله يكفيك. تأخير الإساءة من الإقبال. تأكيد المودة في الحرمة. تكاسل المرء في الصلاة من ضعف الإيمان. تفاءل بالخير تناله. تغافل عن المكروه توقر. تزاحم الأيدي على الطعام بركة. تواضع المرء يكرمه. حرف الثاء ثلاث مهلكات: بخل وحرص وكبر. ثلث الإيمان الحياء، وثلثه جود، وثلثه عقل. ثلمة الحرص لا يسدها إلا التراب. ثوب السلامة لا يبلى. ثن إحسانك بالاعتذار. ثبات الملك بالعدل والإحسان. ثواب الآخرة خير من نعيم لا يدوم. ثبات النفس بالغذاء، وثبات الروح بالغناء. ثناء الرجل على معطيه مزيدة. حرف الجيم جد بما تجد. جهد المقل كثير. جمال المرء في الحلم. جليس السوء شيطان. جولة الباطل ساعة، وجولة الحق إلى الساعة. جودة الكلام في الإيجاز. جليس الخير غنيمة. جل من لا يموت. حرف الحاء
يوميات شامية
حلم المرء عونه. حلي الرجل أدبه. حياء المرء ستره. حماض الطعام خير من حموض الكلام. فرقة الأولاد محرقة للأكباد. حدة المرء تهلكه. حرم الوفاء من لا أصل له. حرفة المرء كنزه. حرف الخاء خف الله تأمن غيره. خالف نفسك تربح. خير الأصحاب من يدلك على الخير. خابت صفقة من باع دنياه بآخرته. خليل المرء دليل عقله. خلوص الود من صدق العهد. خير النساء ودودة ولودة. خير المال ما أنفق في سبيل الطاعة، وشره ما أنفق في سبيل اللهو والهذيان. حرف الدال دواء القلب الرضا بالقضا. داء الحرص ذل في النفس. دليل عقل المرء قوله. ودليل أصله فعله. رؤية الإخوان تحقق السرور في القلب. دولة الأرذال آفة الرجال. دم على كظم الغيظ تحمد عواقبه. حرف الذال ذنب واحد كثير، وألف طاعة قليل. زواقة السلاطين محرقة السفين، ذل المرء في الطمع. حرف الراء رؤية الحبيب تجلو عن القلب كربه. رفاهية العيش في الأمن. رد غية النفس متعبة. رفيق المرء دليل عليه. حرف الزاي الاجتماع بالصالحين رحمة. زر المرء على قدر إكرامه. زيارة الضعفاء من التواضع. زينة الباطن خير من زينة الظاهر. حرف السين سوء الظن من الحزم. سرورك بالدنيا غرور. سوء الخلق وحشة. سيرة المرء سريرته. سلامة الإنسان حفظ اللسان. سمو المرء في التواضع. حرف الشين شر الأمور أبعدها عن الطاعة. شح الغني: مقت وحرمان وغايته الزوال. شمة من المعرفة خير من كثير من العمل، وقليل من طلب العلم خير من كثير من التنفل. شحيح غني أفقر من فقير سخي. شرط الألفة ترك الكلفة. حرف الصاد صدق المرء نجاة من لؤم صاحبه. الصبر يعقبه الفرج. صلاح الإنسان بالسكوت. صاحب الأخيار تأمن من الأشرار. صلاح المرء في الورع، وفساده في الطمع. حرف الضاد ضل سعي من رجا غير الله. ضرب الحبيب أوجع. ضرب اللسان أشد من طعن السنان. ضاق صدر من ضاقت يده. ضاقت الدنيا على متباغضين. حرف الطاء طاب وقت من وثق بالله. طوبى لمن رزق طول العمر مع العافية. طال خوف من قصر رجاه. الأدب خير من الذهب. حرف الظاء ظلك عافيتك. ظرفك أدبك. ظرف تعطيه صدقة. ظلم لأخيك ظلمات. ظلمة القلب قسوته. ظل الله في الأرض السلطان. ظل ظليل عدل الملك في الرعية. حرف العين عش قنعاً تستريح. عش ما شئت فإنك ميت. عيب الكلام: طوله من غير فايده. عاقبة الظالم سيئة. عز الإنسان بعلم أو مال. علو الهمة من الإيمان. عدو عاقل خير من صديق جاهل. عز المرء مقدمة اليسر. حرف الغين غنم من سلم. غمرة الموت أهون من مجالسة من تبغضه. غلام خامل خير من شيخ جاهل. غرك من دلك على الإساءة. غشك من أرضاك بالباطل. غمط الحق من سخافة العقل. غنيمة الزمن حسن وداده وحصول مراده. حرف الفاء فاز من حسنت مؤاخاته وزادت طاعاته. فخر المرء بفضله خير من فخره بأصله. فاز من سلم من شر نفسه. حرف القاف قول المرء يخبر عما في قلبه. قيمة المرء ما يحسنه. قرين المرء دال عليه. قرب الأشرار خراب الأسرار. حرف الكاف كلام الله دواء. كفى الحاسد ما يجده من ضيق الحسد. كفاك هماً علمك بالموت. كفاك فرجاً رضاك الخير. كمال الجود بالاعتذار منه. حرف اللام لين الكلام من الوداد. ليس لحسود راحة. حرف الميم من علت همته كثرت محبته، من كثر كلامه ما خلا ملامه، مطل الغني ظلم. ما ندم من حمد، من ملك لسانه أمن من فرط كلامه. مجالسة الأحداث مظنة الفساد. حرف النون نور المرء في قيام الليل. الفنا من المنا. غناء المرء ذل وإن طاب صوته. حرف الهاء هموم المرء بقدر اهتمامه، هم السعيد آخرته وهم الشقي دنياه. هلاك المرء في العجب. هون نفسك عليك تستريح، هلاك المرء في رقه. هداية المرء توجهه للطاعة بعد انقطاعه عنها. هون عليك: ما قدر كان. حرف الواو وزر صدقة الممتن بها تمحي أجره. ولاية الأحمق سريعة العزل. ويل لمن ساء خلقه وقبح خلقه. وحدة المرء خير من جليس السوء. وأحسن إليك من تغافل عن خطئك، وغرك من جعلك فيما لست فيه أهلاً. وغرك من مدحك على الشح. وغمك من أخبرك بسوء أو ذكرك بذنب صدر منك، أغواك من ضلك عن الطريق في الحق. وغلط من تهاون في العداوة. غلط من ادعى ما ليس فيه وكذب. حرف اللام وألف
يوميات شامية
لا دين لمن لا مروة له ولا اهتمام له بأمر صديقه. لا يأس من جارى عدوه بالإحسان فقد يصير صديقاً. لا صديق لشحيح وقليل خير وإحسان. لا عدو لمن يحسن. ومن الحكم: إعادة الاعتذار تذكر بالذنب. إعادة الكلام تورث الملالة. النصح بين الملأ تقريع. تمام العقل نقص الكلام. قلة الكلام مهابة ونصته حكمة. وأمن من طالع سره وعيب نفسه. نعمة الرذل لا خير فيها. حكم لفيثاغورث وأبيقراط وأرسطو أكثر الأعداء أخفاهم مكيدة. من طلب ما لا يعنيه فاته ما يعنيه. من كثر مزاحه لا يأمن من مقت من مازحه. من كثير مزاحه لم يخل من خوف عليه. مباسطة المرء لأخيه تذهب الوحشة بينهما. زر الصديق ما دام ينسر منك. سئل بقراط أي العيش خير؟ قال: الأمن مع الفقر، وقال: العافية ملك خفي، لا يعرف قدرها إلا عند فقدها. وقال: للقلب آفتان: الهم والغم. فالغم يعرض منه النوم، والهم يعرض منه السهر، وذلك لأن الهم فيه تصور المخوف بما يكون أو يتوقع، فمنه يكون السهر. والغم لا فكر فيه، لأنه فيما كان وانقضى وقال فيثاغورث من استطاع أن يمنع نفسه من أربعة، فهو خليق بأن لا ينزل به مكروه: العجلة واللجاجة والإعجاب والتواني. فثمرة العجلة الندامة، واللجاج الحيرة، وثمرة العجب: المقت، وثمرة التواني فوات المرام. وقال: إن أردت أن تنكي عدوك لا تريه اتخاذك له عدواً. وقال بقراط: ستة لا تفارقهم الكآبة: الحقود، والحسود، وحديث بغنى، وغني يخاف الفقر، وطالب رتبة ليس أهلاً لها. ومن أراد النجاة من مكايد الشيطان لا يطيع امرأته. الزوجة مثل شجرة الدفل. لا تكثر من عشرة حملة عيوب الناس فإنهم يلفظون ما غفلت عنه وينقلونه إليهم ومنهم إليك. وقال أرسطاليس: رغبتك فيمن توانى عنك ذل. وزهدك في راغب فيك قصر همه وسخافة. وقال: الجاهل عدو نفسه فكيف يكون صديق أحد؟. وقال المأمون: الإخوان على ثلاث طبقات: طبقة كالغذاء لا يستغنى عنه، وطبقة كالدواء لا يحتاج إليه إلا في الأحايين، وطبقة كالداء، لا يحتاج إليه أبداً. وقال ابن سينا: لا تغرنكم أربعة: شمس الشتاء، ونصح الأعداء، وقرب الأمراء، وملق النساء. أحاديث شريفة قال عليه السلام: رحم الله امرأً تكلم فغنم، أو سكت فسلم. وقال عليه السلام: ألا وإن كل كلام عليك، إلا ذكر الله، فإنه لك لا عليك. وقيل: العافية عشرة أجزاء، تسعة في الصمت إلا ذكر الله، والجزء التالي في ترك مجالسة السفهاء. وقيل: الصمت عي وفيه السلامة، والتكلم قوة وفيه الندامة. وقد تقدم: في السكوت مهابة. وقال بعضهم: من لازم الصمت سلم من المقت. ذو القعدة، وأوله الخميس سنة 1150، لم يقع فيه ما يؤرخ. ذو الحجة، الحرام، في وسطه قبل العيد، جاء الكتاب وأخبروا أن الحج بخير، وأوله كان السبت سنة 1150. محرم الحرام سنة 1151 محرم الحرام سنة واحد وخمسين وماية وألف 21 - 4 - 1738م الحكومة وسلطان المملكة الرومية وبعض العربية والأعجمية السلطان محمود ابن السلطان مصطفى بن السلطان محمد، ابن عثمان، وأوله الاثنين، والباشا في دمشق سليمان باشا، وقاضي الشام السيد هاشم أفندي الرومي، والمفتي حامد أفندي العمادي، والمدرسون على حالهم. وفي يوم السبت آخر الحجة، كنا بسقبا وزرنا عبد الله بن سلام، وقرأنا له الفاتحة، رضي الله عنه، ودعونا الله تعالى، ومكثنا ثلاثة أيام: السبت والأحد والاثنين، وذلك عند تلميذنا في الطريقة الخلوتية يوسف السقباني. وكان معنا جماعة من الإخوان في طريقنا، ونزلنا يوم الثلاثاء بكرة النهار ثالث محرم أو ثاني محرم. وإليه التوفيق والهداية لأقوم طريق. وأخذنا للمطالعة تاريخ شذرات الذهب. وكتاب مدح الشيء وذمه للثعالبي. وكان يوسف المذكور أرسل دعانا مع الشيخ الفاضل المقرئ المفيد عبد الرحمن بن الحاج أحمد الشافعي. من تلاميذ مؤرخ هذا الكتاب. صلب إسماعيل آغا وفي خامسه تعلق إسماعيل آغا. وذلك يوم الخميس الخامس. إن أول الشهر الأحد، والرابع إن أولها الاثنين، وهو الأصح. الحديقة العدوية وفي يوم السبت: ثاني عشرين الحجة سنة 1150، كنت في الحديقة العدوية، ولم أصحب أحداً وأحببت الانفراد، وكن الفؤاد من الموارد الظاهرة والباطنة، والشواغل من أكثر الرفقاء الخارجة والكامنة. سعد الدين السعدي
يوميات شامية
وفي ليلة السبت، السادس من شهر المحرم، توفي الشيخ الشاب سعد الدين بن الشيخ إبراهيم السعدي الجباوي الشاغوري، وصلي عليه يوم السبت بالسنانية الظهر، ودفن في تربة الشيخ الجباوي جدهم. وكانت جنازته حافلة، ومعها أعلام مستكثرة، عفي عنه، وعمل والده صباحيته في الجامع، في الباب الصغير. وفي يوم الاثنين، خامس عشر محرم الحرام، وأوله الاثنين، سافر الشيخ إبراهيم السعدي الشاغوري إلى الروم، بإرسال الوزير الأعظم، وأرسل له ثلاثة أكياس حول بها على فتحي أفندي الدفتار، خرجية البيت إليه والطريق، وخرج إلى وداعه الأكابر والأعيان، والله الهادي إلى أقوم طريق، إنه بعباده لطيف رحيم رفيق. الحج يوم السبت، سابع عشرين محرم، ورد الجوخدار، وضربت المدافع بالقلعة وله الحمد. صفر، أوله الأربعاء، وقيل الثلاثاء، خامس الشهر، السبت ورد الحج الشريف، والأحد، وهم مسرورون في غاية الحسن والنضارة، وبيده كل خير، إنه رؤوف رحيم. وفيه سافر حسين باشا الرومي، باشة جردة الحج الشريف يوم الخميس سابع عشر صفر، وطلع حج كثير إلى بلادهم، وكان الباشا نزل بالمرجة. مطر في الصيف وفيه نزل مطر، وكان غيم كثير في السماء، وكان أول الحموي والتوت، وكان لم يفرغ آثار الورد. وهو العالم به سبحانه. ربيع الأول، سنة واحد وخمسين وماية وألف، وأوله الخميس أو الأربعاء، ولم يقع فيه ما يؤرخ. عزل سليمان باشا ربيع الثاني، وأوله السبت، عزل سليمان باشا، باشة الشام ابن العظم، ووجهت دمشق وما والاها لحسين باشا بستنجي، وعزل سعيد ابن الاستنبولية من باش كاتبية محكمة الباب، بالسيد أحمد الأسطواني، ونسأله التمام إلى خير آمين. قصر برويز يوم السبت المذكور كنا مع جماعة من الأصحاب ونخبة من الأحباب في قصر ابن برويز بالجسر الأبيض، دعانا للسير المذكور السيد محمد الخواجا السفار، وكان بعض تجار، ومن الأفاضل الشيخ عبد الرحمن الصناديقي، والشيخ مصطفى بن محمد بن أبي المواهب المفتي الحنبلي، ونظمت في ذلك اليوم والمكان نظماً. أحوال الدنيا وفي يوم الاثنين، ثالث ربيع الثاني أنشدني بعضهم في ذم الدنيا وأحوالها لبعضهم: هي السّبيل، فمن يومٍ إلى يوم ... فإنّها قد تريك العبر في النّوم لا تجزعنّ، رويداً إنّها لعبٌ ... دارٌ تنقّل من قومٍ إلى قوم آثار سليمان باشا جمادى الأولى، وأوله الأحد، ثالثه يوم الثلاثاء، سافر سليمان باشا من دمشق إلى بلاده، وكان مكثه في الشام خمس سنين، وعمر حماماً عند البهرمية، وآخر في محلة الخراب، وكلاهما من المحاسن والغايات، وذلك في مدة يسيرة، وأنشأ القيسارية العظمى في سوق العبيد، وأنشأ مدرسة لصيق دار حريمه، حسنةً غزيرة الماء، وأنشأ طعاماً، كل يوم شوربة القمح بلحم، وثاني يوم رز بلحم، واشترى بساتين وبيوت مما لا يعلمه إلا الله تعالى، واشترى لدار ابن الحبال فوق ثمنها وأزيد، وأنشأها إنشاءً بديعاً. ثم إنه عزل من ذلك كله، وخرج من دمشق، وبعد لم يعط منصباً ولا شيئاً من الأشياء. ودفع للسلطنة أموالاً كثيرة ولم يفد. وبقيت كفالة دمشق لحسين باشا بستنجي، وبعد لم يرد، وثالثه الثلاثاء توجه سليمان باشا إلى بلاده، وأخذ أهله وأولاده وجواريه، ولم يبق له شيء في دمشق، ولم يسمع له بشيء يؤول إليه، ونسأله اللطف فيما جرت به المقادير. الشيخ عيسى الخلوتي وفي يوم الجمعة المبارك بالجامع الكبير، ناولني السيد حسين أفندي، كاتب السنانية بطاقةً صورتها تاريخ وفاة الشيخ عيسى الخلوتي، للمرحوم جدنا عبد اللطيف أفندي: أمسى يجاور ربّه ... عيسى فكان له أنيسا لمّا أناخ ببابه ... وفنايه لم يلق بوسا وافته بالغفران منه ... رحمةٌ تحيي النفوسا وتباشرت حور الجنان ... فأرّخوا: بالشّيخ عيسى انتهى كلام البطاقة. ترجمة المؤلف لوالده أقول: هو زين القضاة عيسى الخلوتي، والد مؤلف هذا التاريخ، مفرد زمانه وناسك وقته وأوانه، صاحب الطريقة الأوحدية الخلوتية بدمشق المحمية، لا زالت بوارق رحمته على ضريحه لامعة، ونسايم طيب عفوه وامتنانه، حول ثراه نامية رايعة. أشياخه
يوميات شامية
أخذ الفقه عن الشمس ابن بلبان الصالحي الحنبلي، وعن محمد الخلوتي بمصر، وعن الشيخ سلطان، وعن الشيخ ابن مرعي الحنبلي الكرمي. وأخذ الحديث وانتقل، وأخذ الفقه عن التقي عبد الباقي الحنبلي المفتي بدمشق، وعن خلف لا يحصى، وحج مراراً، والأُولى على قدميه. وأخذ الطريقة عن غوث زمانه السيد محمد العباسي الخلوتي، وأقامه على الإخوان من عنده، وأخذ عنه خلق كثير من هذا الطريق، أكابر وأعيان وأشراف وأغاوات ومفتية. تلامذته فأخذ عنه الطريقة الخلوتية فيض الله أفندي، مفتي محروسة ترابلس الشام، وبمكة لما حج الشيخ أحمد النخلي، مفتي مكة، وغيرهما من الأعيان، وأخذ عنه كثير من الفضلاء، وتوفقوا في الأخذ. والحاصل، أخذ عنه خلق لا يحصى أيضاً الشيخ أحمد مفتي المالكية بمكة، ومن الأفاضل: أبو القاسم المغربي من العلماء، والشيخ صالح المدني، والشيخ صالح إمام مسجد قباء، وخلق من أهالي قباء لما ذهب إليها حين حجه، رحمه الله وقدس روحه، آمين. توفي يوم الأحد شهر القعدة، ودفن بالدحداح الغربي، لصيق شيخه السيد محمد العباسي الخلوتي الصالحي الحنبلي، قدس الله روحه آمين، وذلك سنة ثلاث وتسعين وألف، رحمهما الله تعالى، آمين. عبد اللطيف الكاتب وتوفي عبد اللطيف أفندي الكاتب في يوم الاثنين خامس عشر جمادى الأول، الكاين في سنة واحد وخمسين وماية وألف. وفي جمادى الأول، دخل حسين باشا، يوم الاثنين خامس عشر جمادى الأول، وفي يوم الجمعة صلى بالجامع الأموي. الجامع البردبكي آخر الشهر يوم الجمعة صلى بالجامع البردبكي بالأبارين، ومراده يعمر الخان ويرمم الجامع، وهو من أنزه جوامع دمشق، والله يلهم الخير. جمادى الأولى، أوله الاثنين. بستان الباسطي وفي سادسه، يوم السبت، كنا ببستان الباسطي بغوطة دمشق، ومكثنا ثلاثة أيام عند أخينا يوسف، ونزلنا الثلاثاء يوم التاسع في جمادى الثاني. رجب، وأوله الأربعاء: فجر يوم الجمعة...... وإلى الآن، نسأل الله إصلاحها على أحسن وجه، إنه عليم قدير. شعبان، وأوله الجمعة، ورجب كان أوله الأربعاء، فوفاته الخميس، فأوله الجمعة على ذلك، والأصح أوله الخميس، لأن ليلة الجمعة رأوا الهلال ابن ليلتين، وأما في الثبوت الشرعي في المحكمة لدى قاضي الشام السيد هاشم أفندي، ونايبها لطف الله أفندي، فالجمعة، فإن الجمعة أمر شرعي بالبينة، والأول عقلي وأغلبي. رمضان المبارك، وأوله الجمعة على الشك، والسبت الصوم عموماً. أخبار الحج وفيه دخل أمين الصر من الروم، ودخل حج كثير، وذلك في أوايله، ويدخل مع البلطجية الحاج الآخر، وبعد لم يأتوا البلطجية، لأنهم يأتوا في أواسطه، ثم الحلبي ذاك في شوال. وإليه الدعاء والتوسل والسؤال، وهذا سنة واحد وخمسين وماية وألف، أحسن الله ختمها بخير، آمين. قصر عبد الرحيم ومما رقمته الآن في رمضان، مما نظمته في رابع عشر المحرم، وذلك بقصر عبد الرحيم لصيق الحاجبية، وكان أعيان الشاغور دعاهم يوم السبت إلى هذا القصر لعمل ضيافة لهم، وكان الجمع كثيراً، وكان جناب السيد يعقوب أفندي الكيلاني. والداعي السيد عبد الرحمن الشاغوري الحواصلي، زيد خيره. يوم الاثنين ثاني عشر رمضان دخلت البلطجية ومعهم حج كثير من الأروام. القاضي هاشم أفندي يوم الخميس ثامن عشرين رمضان سنة 1151، توفي هاشم أفندي الرومي قاضي الشام، وصلي عليه الظهر بجامع الأموي، ودفن عند بلال، رضي الله عنه. وكان رمضان تام الهلة، والحمد له تعالى. شوال، وأوله الأحد. رابع عشره، السبت، طلع المحمل ونزل عند قبة الحاج، والأمير حسين باشا، الذي كان وزيراً في دمشق، ونسأله الإصلاح والنجاح بمنه آمين. دخول باشة الجردة يوم الخميس، دخل عثمان باشا المحصل، وصلى يوم الجمعة في الجامع، وهو نازل بالمرجة في مخيمه، وربما يرحل الخميس في الخامس والعشرين، يوم الأربعاء. ذو القعدة، وأوله الثلاثاء. في وسطه دخل باشة الجردة عثمان باشا المحصل. وإلى الآن، سليمان المعزول من دمشق في سراياه في حماة، وبعد لم يورد، ولا أذنوا بعد في شيء، ولا خبر، ونسأله النجاح والإصلاح. وإلى الآن أرباب العروضة لم يأت منهم إلا واحد، ولم يعلم كيف صار فيهم.
يوميات شامية
يوم السبت السابع والعشرين، رحل عثمان باشا، باشة الجردة، والله يحسن الأحوال بمنه، آمين. تدريس الخديجية وفي تاريخ العشرين وماية وألف، زمن قرامراد أفندي قاضي الشام، حضر ومعه فرمان في المدرسين أنهم يذهبوا إلى مدارسهم، فأرسل إلي في المباشرة فامتثلت أمره وشرعت في التدريس بمدرستي الخديجية المرشدية الحنفية بالصالحية. وبدأت في الكنز، فارسلت أطلب شرح الكنز للعيني، والحال أن عندي شرح للزيلعي وابن الشحنة وملا مسكين. الحج، وأوله الأربعاء، يوم الوقفة الخميس، والعيد الجمعة. ويوم الوقفة وردت مكاتيب العلا، وذكروا أنه أي الحج في غاية من الرخاء والأمن، وله الحمد. وفي آخر التشريق يوم الاثنين، وردت مزيربتية الجردة، وسافر باشة الجردة يوم الجمعة، وهو يوم عيد الأضحى، واسم باشتها عثمان باشا المحصل، من أهالي حلب الشهباء. ودخل سليمان باشا ابن العظم كافلاً لمصر، وهو يوم العشرين من الحجة. وفي يوم الاثنين، رابع عشرين الحجة، دخل دمشق مصطفى أفندي قاضي الشام، ولاقى له الأعيان والأكابر ذوي القلم والقضاة. محرم الحرام سنة 1152 محرم الحرام سنة اثنين وخمسين وماية وألف 11 - 4 - 1739م الحكومة وأوله السبت، وقيل الجمعة. وسلطان المملكة الرومية وبعض العربية والعجمية السلطان محمود بن السلطان مصطفى بن محمد بن عثمان، والباشا حسين في الحج الشريف، والقاضي مصطفى أفندي الرومي، والمفتي حامد أفندي العمادي بدمشق، والمدرسون على حالهم. يوم الاثنين رابع محرم الحرام، كان أول الخلوة البردبكية بدمشق، والفراغ يوم الخميس آخر النهار، وهو يوم السابع من الشهر المذكور. سقبا وفي ليلة الجمعة، يوم الثاني والعشرين، ذهبنا إلى قرية سقبا عند صاحبنا وتلميذنا يوسف، ومكثنا إلى يوم الأربعاء، ونزلنا بكرة النهار، فيكون يوم السابع والعشرين. وورد الجوخدار من الحج يوم الجمعة في ثاني عشرين الشهر. يوم الجمعة، يوم الثلاثين من محرم، ورد الكتاب. وفي ثاني عشرين محرم، يوم الجمعة، نظمت لأبيات في الغزل. صفر، وأوله الأحد. يوم الأربعاء رابعه دخل الحج الشريف. خامسه يوم الخميس، دخل المحمل والباشوات، وبقية الكواخي. يوم الجمعة، صلى الباشا بالجامع. سابعه سلمنا على بعض أصحابنا الحجاج. حديقة العجمي يوم السبت كنا ببستان الدينارة، دعانا بعض أصحاب إليها، وهو من بساتين الغوطة، ورجعنا آخر النهار. وقبله بالحديقة العجمية المنسوبة الآن لبني البكري، وهي مكان نزيه غزير الماء كثير النوافر، وذلك يوم الاثنين، وهو اليوم الرابع والعشرين. الإلقاء النفسي وفي ليلة الخميس من ربيع الأول وأوله الاثنين سنة 1152، رابع الشهر المذكور، سمعت بطريق الإلقاء الضروري النفسي " إنا فتحنا لك فتحاً مُبيناً ". وفيه ميزت بين الخاطر الطبيعي والإلقاء، فكان الطبيعي وحده، وذلك الإلقاء الحديثي ضروري جار في النفس من غير الإنسان، والله المستعان. وبعد لم يظهر تعبيرها لي، وفرقت في هذه الواقعة خاطر النفس وما يجري في القلب من الحق ولا يعرفه إلا ذايقة، والله أعلم. وقد ورد: إن في هذه الأمة لمحدثون، وإن عمر لمنهم. بستان سويد يوم الثلاثاء، تاسع ربيع الأول، بعد قراءة درس المغني في بحث نصب كل، ذهبنا نحن وجماعة من الأفاضل إلى بستان سويد، وقف بني الشويكي، لصيق العسكرية، بضم العين، شرقي مدرسة الصاحبة، عند وراقة ورق الكرش بالصالحية، وحانوته ذاك باق إلى الآن، وماءه جاري كثير من يزيد، ورجعنا عند المساء، وقلت نظماً: سويد بستانٌ بياض فؤاده ... يريك لأحوال الكريم المسامح به الأثمار لا تحصى عداداً ... فينفقها مربحاً غير رابحٍ بداية الثورة على الباشا يوم الثلاثاء، خامس عشرين ربيع الأول صار شوشرة، وسكرت دمشق ضحوة النهار، ثم يوم الأربعاء كذلك، وقتل من القبوقول والينكجرية نحو أربعة أنفار، وإلى الآن، يوم الأربعاء، يوم السادس والعشرين بقي القتال، وعصيت الدالاتية في الجامع المعلق عند الأبارين، في سطوحه ومادنته، لأنهما حصينان، وكذا في جامع الدرويشية، وضربوا على القبول البارود، ورموا على الناس من أسطحة الجامع أيضاً، ولا قوة إلا بالله. إغلاق المحلات
يوميات شامية
وبقيت الشام مسكرةً لم تفتح في ذلك اليوم إلى الآن في التاريخ المذكور، ولا يعلم ما يصير، نسأله سبحانه الرضا والعفو وإصلاح هذه القضية ببركته عليه السلام، وهو الكبير المتعال سبحانه جل جلاله. والأسواق كلها مسكرة خوفاً من الرصاص والبارود من دولة الشام ومن التفكجية جماعة الباشا، والرمي والرصاص واقع، ولا قوة إلا بالله تعالى، وهو العلي العظيم. ربيع الثاني، وأوله الأربعاء، لأن أول ربيع الأول الاثنين، وهو يوم التاسع والعشرين، والثلاثاء يوم الثلاثين، فأوله الأربعاء. ليلة الخميس، مساء يوم الأربعاء ثاني ربيع الثاني، دعانا الأخ الشيخ محمد الحنبلي إلى داره بالشاغور، نحن وجماعة من الأفاضل، وصار أنس كلي وانشراح، وإخوان صدق ذوي تقى وفلاح. والحاصل أن ربيع الثاني قيل أوله الثلاثاء وقيل الأربعاء. أخت محمد اليزبكي وفي يوم الاثنين، يوم السادس من ربيع الثاني، توفيت المرأة الصالحة أخت السيد محمد أفندي بن الشيخ مراد اليزبكي، وصلي عليها العصر في السليمية، ودفنت تحت الإيجية بسفح قاسيون. وفي يوم الجمعة العاشر من ربيع الثاني، كان الفراغ من تعلق إسماعيل ابن صادق، وهو من أول شهر صفر، وربيع الأول، وعشرة من ربيع الثاني، فالجملة سبعون يوماً، شهران وعشرة أيام، والله ولي الإرشاد. هرب الباشا من دمشق وفيه خرج الباشا إلى الأطراف، من بلدة إلى بلدة ومن قرية إلى قرية، وأتلفوا مغلاً كثيراً للناس، ونزل في قرية القطيفة، والمدافع وضعها في قرية حسية. ثم جيش عسكر الشام عليه بما لا يحصى كثرةً، وتوجهوا نحوه، ففر منها ولم يعلموا جهته وجماعته. وقيل إنه ذهب إلى حمص أو حماة. ثم إنه في سادس عشر الشهر، سفروا رجلاً في عرض للسلطنة. وأراد أن يرسل أُولاقياً ليتجسس على البلد، وأيضاً أن يرسلوا خزنته وماله، فأرسلوها له، ولم يبق له شيء في السرايا، والله اللطيف بأحوال عباده المؤمنين. نصرة السلطان وفي يوم الجمعة المذكور سابقاً، جاء خبر بزينة تجيء للشام ولجميع الممالك للفرح بنصرة الإسلام، فإنهم أخذوا مدينة بير الأغراض، ومدينة دمشوار، داخلها على ما شاع، وإلى الآن الثغر، وأخذوا قلاعاً على البحر الرومي لا تحصى، تبلغ نحو الماية قلعة، والحمد لله على هذا النصر المتين والفتح المبين. عودة إلى حسين باشا جمادى الأولى، وفي يوم الأربعاء ثامن عشرين جمادى الأولى سنة 1152، سكرت الناس الحوانيت أكثرها، وأن الوجاقات بدمشق، غير رايدين لحسين باشا، والحال أنه خارج البلد، نازل ظاهر حمص على نهر الفرات، والله يحسن الأحوال بمنه وكرمه آمين. عزله جمادى الثاني، وأوله السبت، فيه عزل حسين بعرض أهل الشام، وقاسوا منه الشدايد والخوف والفزع، وهو أخوف الناس منهم، لأنهم كانوا مجيشين عليه بأربعين ألفاً، ينتظروا جواب المكتوب. الفرح بعزله ففي تاسع العشرين من الأول يوم الجمعة ورد صبي الذي راح في العرض بالبشارة، وذهب للحقلجية فبشرهم فأعطوه البخاشيش الكثير، وشعلت أرباب الحوانيت على الحوانيت الثريات، وأوقدوا الشموع واطمأن الناس. نياته الخبيثة وكان مراده يجيش على الشام بالمغاربة والدالاتية، ونهب المغاربة السويقة باغرائه، وأغرى الدالاتية على نهب السروجية، ويقول: ما معي خبر، والحمد لله على خذلانه. أسرار لا إله إلا الله وفي ليلة أول شهر جمادى الثاني 1152، وهو ليلة السبت أول الشهر، أخذتني بين العشائين سهوة من النوم، رأيت قائلاً يقول: إذا قال العبد لا إله إلا الله استند إلى الوهاب، لا تغيير ولا تبديل وكتبتها لعلو مرماها، وإن إلهامها وذكرها فيه هبات إلهية، فلا يتغير عنها ولا يتبدل، لأنها من بات إلهية، ذكرها وقولها واعتيادها، وكان من أهل طريق إلهية، وهبة الحق للعبد بشيء من ذكر لا إله إلا الله هبة، والكافر لا هبة له، إذ الهبة لمن أهله الله إليها، وهو المؤمن، فهي موهوبة له، لا لغيره، فافهم. وفي يوم الاثنين ثالث جمادى الثاني أوله السبت وقيل الجمعة ورد المتسلم الجديد، وعزل حسين باشا من دمشق، وفرح الناس وعملوا في النهار التزيينات والمشاعل، وصار الفرح الكلي في دمشق بمفارقة هذا الخبيث. السلطان يوصي بدمشق
يوميات شامية
وفي أواسطه، أرسل السلطان محمود، نصره الله، توصية بدمشق، وقال: إنها مالكانتي، لا أحد يؤذيها بشيء، وأبطل أن الكافل يكون له في الروم قبي كيخيا، يجعل أميناً يرسل له الأخبار من خير أو شر، وهناك عند حضرة السلطان يودعه الأخبار، وأوصى بالعدل والعدالة. الشيخ محمد الحنبلي وفي شهر جمادى الثاني، توفي الشيخ محمد بن الإمام العلامة أبي الفلاح عبد الحي الحنفي الحنبلي الصالحي، وصلي عليه بالسليمية، ودفن عند أخيه بالسفح، وخلف أموالاً لا تحصى، وأمتعةً وبساتين وديون، حتى بلغت نحو الماية كيس. الإحياء رجب، وأوله الأحد. يوم خامسه، يوم الخميس ليلة الجمعة، أوله جمعة في رجب، عملوا إحياءً وختماً، وهدي ذلك كله إلى إسماعيل آغا، وأهدوا له ثواباً مثل ثواب فاعله، كما هو مشروط في وقفه، عفي عنه. وفي آخر جمادى الثاني، دعانا سعيد أفندي خطيب دمشق لضيافتنا عنده، وطلب إجازة الحديث عنا، وكتبنا له، وطلب طريق الخلوتي، فأذنا له بورود المشيخة في كل يوم، وقرأنا الفاتحة على ذلك. وفي آخره، كنا وبعض أصحاب بحديقة ابن القاري، وجعل تلميذنا إبراهيم الحافظ لنا ضيافة، وكان الشيخ مصطفى أفندي المصرلي. وفي يوم الثلاثاء، واحد وعشرين رجب سنة 1152، وأوله الأحد، سهوت، وكان في يدي كراس أطالع في النهار، وإذا بقايل يقول: " وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين ". فعلمت ولله الحمد وراثتي منه عليه السلام. شعبان، أوله الاثنين على الثبوت الشرعي. الأسعدية يوم السبت كان سادسه، كنا نحن وجماعة من الإخوان في الأسعدية، غربي جامع الأفرم، وهي في القديم دار قاضي القضاة أسعد التنوخي الحنبلي. كان في القديم كل قاض من الأربعة، قاضي خمسماية، كالحنفي الآن، وتأتي الخلع السلطانية إليهم كل سنة، أصواف وسمور، والتجديد، ولكل واحد مكان للحكم ونواب وجاويشية وجوقدارية. رؤيا وفي ليلة الأربعاء، ثالث عشرين الشهر، رأيت في الرؤيا رجلاً يأمرني بهذا الذكر في كل يوم ماية مرة، وهو: " سُبحان الله والحمدُ لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر "، فامتثلت وشرعت فيه في ذلك اليوم، وألحقته بجملة أورادنا في الطريق. نصرة السلطان رمضان، وأوله الأربعاء، والثلاثاء يوم الشك، وكان شعبان تاماً. وفي أواسطه ورد من الروم بشارة بنصرة السلطان، وبشارة بنصرة السلطان محمود بأخذ قلاع للنصارى، وعمل شنكاً ملآنة بضرب المدافع في البكرة والعشي. رؤيا وفي يوم الاثنين ثالث عشر رمضان سنة 1152 بعد أن صليت الصبح، بعد طلوع الشمس، فرأيت قائلاً يقول: قررت ليلة الثلاثاء، يعني من جهة الروم في تعلق، وفقت في الحال، ثم لم أنم، فحسبت أن المقرر به لي صار في يوم الاثنين من رمضان ليلة الثلاثاء، والله يحسن الحال بمنه، آمين. وصفة للماخوليا وفيها مكتوب وصفة بنادق تنفع من الأفكار الردية والسوداء، ومن الخفقان والفزع والماخوليا: أفتيمون، قشر كابلي، عود قماري، لولو، كهربا، زر ورد، مصطكي، زبيب أشقر منزوع النوى، وسكر يعجن ويعمل بنادق ويجفف في الظل، وشربته سبع دراهم. شوال والقعدة والحجة، لم يقع فيه ما يؤرخ. محرم الحرام سنة 1153 محرم الحرام سنة ثلاث وخمسين وماية وألف 29 - 3 - 1740م الحكومة وسلطان المملكة الرومية وبعض العربية السلطان محمود بن مصطفى بن محمد بن عثمان، وقاضي الشام القديم السيد مصطفى أفندي، وسافر ثالث محرم، معزولاً بقاضي الشام الجديد، وهو إسماعيل أفندي مسعودي زاده الرومي، والمفتي حامد أفندي العمادي، والعلماء والمدرسون وبقية الناس على حالهم، وباشة الشام عثمان باشا المحصل بالحج الشريف. دخول القاضي الجديد ودخل إسماعيل أفندي في أول الشهر، وسافر المعزول ثالث محرم. وكانت الفتنة بين الينكجرية والقبوقول، أزالهم الله من دمشق بمنه، وهم حوادث الوجاق. الانكشارية والقبوقول والوجاق القديم الينكجرية، كذا رتبهم السلطان سليم حين دخل الشام، وعمر الجامع بالصالحية، وذلك في سنة اثنين وعشرين وتسعماية، أما هؤلاء، فلم يظهر لهم أثر إلا في سنة سبعين بعد الألف، أُنشيء هذا الوجاق لغاية، فإنهم لا يحرمون، ولا يباشرون إلا النهابة والسكر وأذى المسلمين وحمل السلاح، قاتلهم الله. أخبار الحج
يوميات شامية
صفر الخير سنة 1153، وأوله الخميس، وقيل الأربعاء، وبعد الحج لم يأت. وفي يوم الخميس، أول صفر، ورد الكتاب وأخبر أن الحج بخير، وفرق المكاتيب في الدرويشية. وفي يوم الأحد رابع صفر الخير، دخل الحج الشريف، ويوم الجمعة كان العيد، والكل يشكر هذه الحجة من جهة الأمن والماء، وصار غلاء في الشعير، وبعض شيء. وفي يوم الاثنين سادس صفر دخل المحمل على حساب الأربعاء، أو على حساب أن أوله الخميس. قيل وكانت الوقفة الثلاثاء، وفي دمشق العيد، والوقفة الاثنين. ونسأله الإجابة والقبول، وهو المأمول بحق الرسول. فضل الصلاة على النبي وفي يوم الثامن عشر من صفر، يوم الجمعة، وأنا أصلي على الرسول، وهذا الورد في كل يوم جمعة: اللهم صلى الله عليه وآله وسلم على سيدنا محمد، أكررها بالسبحة إلى حد الأف، فسهوت في تاريخه، فرأيت حضني، وكنت متربعاً، ملآناً ذهباً، فهذه مفسرة بالصلاة على الرسول، وهي من أشراف المطلوب لشرفها، كماله، للذهب، شرف على جميع آلات المعاملات، ففرحت بهذه الرؤيا المباركة ببركة الصلاة على الرسول، والشهر من تاريخ سنة ثلاث وخمسين، ولله الحمد. آخر قصائد المؤلف ربيع الأول، وأوله الجمعة. ومما نظمته في حق بعض الأصحاب من المحبين: أيا قمراً لا يكمل إلاّ تماما ... ما كان وعدك لي إلاّ تماما أوعدتني الوصل حقّاً يقيناً ... وعد كمّونٍ، ما أراه مراما إن أشتكي إليه كان مجيباً ... صبراً يدوم ولا يحلّ ذماما محمد الكنجي الحنفي وفي يوم الجمعة، الرابع عشر من ربيع الثاني، الكاين في سنة 1153، صلي حاضرةً على الشيخ العلامة، الفهيم الذكي البليغ الناظم المفيد، الفقيه النحوي الشيخ محمد أفندي الكنجي، وصلي عليه بالجامع ودفن بالدحداح. كان فاضلاً، شغله الإقراء والإفادة. شرح رسالتي المسماة: بالرسالة المشتملة على أنواع البديع في البسملة شرحاً حافلاً، وضمنه من شعر المتقدمين، ومن شعره كثير. وطلبت إلى الروم، فأرسل نسخةً وأبقى نسخةً أُخرى عنده. وبدأ في شرح المقامات إلى عشرة، وشغله رحمه الله الإقراء والإفادة في منزله بالمدرسة العصرونية، وربما كان بلغ أوايل الستين، عفي عنه آمين. إخراج وجاق القبيقول وقبل ذلك، أُخرج وجاق القبيقول من دمشق، ولم يبق منهم ديار، ولله الحمد. وكانوا أفسدوا الحرث والنسل، ويشهرون السلاح على الرعية، والجروح لا تحصى، والقتلا مما لا تحصى. ثم أُرسل الوزير عثمان باشا إليهم، وهو المسمى بالمحصل. فمن له عيال وناس ملاح خرج قدامه يثبته بالدفتر مع البينة، وحضور أعيان البلد، وقال: الباقي يسافرون. ومن أراد يأخذ آخرين، يقبل يد الباشا، ويخرج، ومن أراد يسافر. فسافر أكثرهم في البلدان وعند الدروز، وتفرقوا غاية التفرق والتشتت: كبارهم وصغارهم. مساويهم وكل من كلم واحداً يجرحه بالسيف، أو يضربه بالبارود يقتله، حتى صار ذلك ببركة أهل الشام والأبدال التي فيها. وورد فيه من رامك بسوء قصمته. والحاصل، ورد الخط الشريف من حضرة الخنكار السلطان محمود، أيده الله بنصره في الدنيا والأخرى. وهو من صلاح الملوك من المؤيدين من عند الله بالنصر، وقد أخذ بير الأغراض من طائفة الكفار، ونحو ماية حصن وقلعة إلا وأخذه. وفضيت الشام من الأسافل والجبابرة وقليلين الدين والإيمان والأمانة، كثيرون العنترة، كل واحد كالنمرود، لا يحللون ولا يحرمون، فجزا الله المولى الخنكار أحسن الجزاء آمين. وفي آخر ربيع الثاني سنة 1153، رأيت أن قايلاً في الرؤيا يقول: رح لبيتك، وأنا أجيء إليك بالنصر، وكنت مريضاً شديداً، وهي بشارة إن شاء الله تعالى. هذا آخر ما حرره المؤلف، وهو الشيخ محمد ابن كنان إنشاء الله تعالى، وهذا آخر ما مسك به القلم، وهذا الجزء من الحوادث اليومية والانتهاء به إلى شهر ربيع الثاني سنة ثلاث وخمسين وماية وألف، رحمة الله على مؤلف هذا التاريخ، المنسوب إلى المرحوم الشيخ محمد ابن المرحوم أبي الثناء، الشيخ عيسى ابن المرحوم الشيخ محمود ابن الشيخ محمد ابن كنان الخلوتي الصالحي، صاحب طريقة الخلوتية بدمشق، وقد استمر شيخاً في الجامع المعلق مدةً طويلة، وهي ثلاث وخمسين سنة أحسن الله ختامه بالإيمان.
يوميات شامية
وقد جمعها ولده الفقير محمد سعيد بن الشيخ محمد المؤلف، ورقةً ورقةً، وعجزت عن ترتيبها، لأن جمعها كان سنة سبع وثمانين، وقد جمعتها وإن كانت غير مرتبة، لأنها لا تخلو عن الفائدة، لأن فيها تراجم بعض الصالحين والعلماء والأولياء والسلاطين. ونسئله حسن الخاتمة وأن تكون سيرتنا بعد وفاتنا حسنةً عند الله وعند العباد، وهو حسبي ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا به، نعم الولي ونعم النصير. حرر في نهار الخميس، يوم عشرين ربيع الأول سنة سبع وثمانين وماية وألف